للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدَّين، وهذا في الأجلِ، فحرَّمَ اللهُ ذلك، وأمر بقتال مَن لم ينتَهِ (١).

ومن تدايَنَ من رجلٍ، فدخَل به السوقَ، فاشترى شيئًا بحَضْرةِ الرجلِ، ثم باعَه عليه بفائدةٍ؛ فهي على ثلاثةِ أوجهٍ:

أحدُها: أن يكونَ بينَهم مواطأةٌ لفظيةٌ أو عُرفيةٌ؛ على أن يشتريَ السِّلعةَ من ربِّ الحانوتِ، ثم يبيعَها للمشتري، ثم تُعادَ إلى صاحبِ الحانوتِ؛ فلا يجوزُ.

الثاني: أن يشتريَها منه، ثم يُعيدَها إليه، فلا يجوزُ أيضًا؛ لحديثِ أمِّ ولدِ زيدِ بنِ أرْقَمَ (٢).

والثالثُ: أن يشتريَ السِّلعةَ شراءً بتاتًا، ثم يبيعَها للمستدين بتاتًا، فيبيعَها أحدُهما، فهذه تُسَمَّى التورُّقَ؛ لأن غرضَ المشتري الورِقُ، فيأخذُ مائةً ويبقى عليه مائةٌ وعشرون مثلًا؛ فقد تنازع في ذلك السَّلَفُ، والأقوى: أنه منهيٌّ عنه؛ قال عمرُ بنُ عبد العزيز: (التورُّقُ رِبًا)؛ فإنَّ اللهَ حرَّمَ أخْذَ دراهِمَ بدراهمَ أكثرَ منها إلى أجلٍ؛ لِما في ذلك من ضرَرِ


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومن اشترى قَمْحًا … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢٩/ ٤٣٠.
(٢) وهو ما رواه عبدالرزاق (١٤٨١٢) والدارقطني (٣٠٠٢)، عن أم محبة قالت: يا أم المؤمنين! كانت لي جارية وإني بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه، وإنه أراد بيعها، فابتعتها منه بستمائة درهم نقدًا، قالت: فأقبلت علينا، فقالت: «بئسما شريت وما اشتريت، فأبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب»، فقالت لها: أرأيت إن لم آخذ منه إلا رأس مالي؟ قالت: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف}.

<<  <  ج: ص:  >  >>