للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحجِّ، ولم يحلَّ من إحرامِه، كما يحِلُّ المتمتعُ.

وهنا مسألةٌ: وهو أن القارنَ هل يطوفُ طوافينِ، ويسعى سَعْيَينِ، أم يَكْفيه طوافٌ واحدٌ وسَعْيٌ واحدٌ؟

فمذهبُ أبي حنيفةَ: أنه يطوفُ ويسعى للعمرة أولًا، ثم يطوفُ ويسعى للحجِّ ثانيًا، وإذا فعَل محظورًا فعليه فِدْيتانِ، وقد رُوِي عن عليٍّ وابنِ مسعودٍ (١).

وأما الأئمَّةُ الثلاثةُ فعندَهم: يطوفُ ويسعى مرةً واحدةً، وعملُ العمرةِ دخَل في الحجِّ، كما يدخُلُ الوضوءُ في الغسلِ؛ لأن الأحاديثَ الصحيحةَ تبيِّنُ أنه لم يطُفْ ولم يَسْعَ إلا طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا، وذلك كلُّه قبلَ التعريفِ، فأما بعدَ التعريفِ فإنه يطوفُ طوافَ الحجِّ، وهو الزيارة والإفاضة، وهو ركنُ الحجِّ الذي به تمامُه، وليس عليه بعدَه سعيٌ؛ إلا أن يكونَ لم يَسْعَ معَ طوافِ القدومِ.

فأما المتمتعُ فلا بدَّ أن يسعى قبلَ ذلك، وهل عليه سعيٌ ثانٍ؟ فيه روايتانِ، هما قولانِ للعُلماءِ (٢)، وذلك لما رُوِي أن الصحابةَ تمتَّعوا


(١) روى ابن أبي شيبة (١٤٣١٣)، عن زياد بن مالك، أن عليًّا وابن مسعود قالا في القارن: «يطوف طوافين».
(٢) واختار شيخ الإسلام: أن المتمتع عليه سعيٌ واحد. ينظر: مجموع الفتاوى ٢٦/ ١٣٨، الاختيارات للبعلي ص ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>