للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ظن بعضُهم أن هذا قِمارٌ؛ لكن فعله قبلَ تحريمِ القِمارِ، وهذا إنما يُقبَلُ إذا ثبَتَ أنَّ مثلَ هذا ثابتٌ فيما حرَّمَه اللهُ من الميسرِ، وليس عليه دليلٌ شرعيٌّ أصلًا؛ بل أقوالٌ لا دليلَ عليها، وأقيسةٌ فاسدةٌ يظهرُ تناقضُها لمن كان خبيرًا بالشريعة، وحِلُّ مثلِ ذلك ثابتٌ بسنةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ حيثُ أقرَّ صِدِّيقَه على ذلك، فهذا العملُ معدودٌ من فضائلِ الصدِّيقِ رضي الله عنه وكمالِ يقينِه؛ حيث أيقَنَ بما قاله رسولُ اللهِ وأحبَّ ظهورَ أقربِ الطائفتينِ إلى الحقِّ، وراهَنَ على ذلك رغبةً في إعلاءِ كلمةِ اللهِ ودينِه بحسَبِ الإمكانِ.

وبالجملةِ: إذا ثبَتَت الإباحةُ؛ فمُدِّعي النسخِ يحتاجُ إلى دليلٍ.

والكلامُ على هذه المسألةِ مبسوطٌ في مواضع، وإنما كتبتُ ذلك في جَلْسةٍ واحدةٍ.

والسَّبقُ: بالفتحِ هو العِوَضُ، وبالسكونِ: هو الفعلُ، وقد قال: «لا سَبَقَ إلا في نصلٍ، أو خفٍّ، أو حافرٍ» مطلقًا، لم يشترطْ محلِّلًا، لا هو ولا أصحابُه؛ بل ثبَتَ عنهم مثلُ ذلك بلا محلِّلٍ.

ومما يوضحُ الأمرَ في ذلك: أن السَّبَقَ في غيرِ هذه الثلاثةِ لم يحرمْ لأنه قِمارٌ، فإنه لو بذل أحدُهما عِوَضًا في النَّرْدِ والشِّطْرَنْجِ؛ حرُم اتفاقًا، معَ أن العِوَضَ ليس من الجانبينِ، ولو كان بينهما محلِّلٌ في النَّرْدِ؛ لحرُم اتفاقًا أيضًا، فالعوضُ في النَّرْدِ والشِّطْرَنْجِ حرامٌ؛ سواءٌ كان منهما، أو من أحدِهما، أو من غيرِهما، بمحلِّلٍ وغيرِ محلِّلٍ، فلم يحرُمْ لأجلِ المخاطرةِ، فلو كان الميسرُ المجمعُ على تحريمِه في النَّرْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>