للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ

الراهبُ الذي تنازَعَ العلماءُ في وجوبِ أخذِ الجزيةِ منه: هو الحبيسُ الذي هو منقطع مُتخلٍّ عن الناسِ في دينِهم ودنياهم، كما قال أبو بكرٍ: «ستجِدونَ قومًا قد حبَسوا أنفُسَهم في الصوامعِ» (١)، فهذا يُؤخَذُ منه الجزيةُ في مذهَبِ الشافعيِّ في المشهورِ عنه، ولا يُؤخَذُ عندَ غيرِه.

وأما الذي يُخالِطُ أهلَ دينهِ، فيُزارِعُ ويتاجرُ؛ فحكمُه حكمُهم بلا نزاعٍ؛ وتُؤخَذُ منه الجزيةُ بلا رَيْبٍ، ولا يحل إبقاؤُهم بلا جزيةٍ، ولا يُترَكُ له من المالِ إذا فُتِحتِ البلادُ إلا ما يَكْفيه، ولا يجوزُ أن يُقطَعَ شيئًا من أموالِ المسلمِينَ (٢).

ومَن أعتَقَه سيدُه؛ وجبت عليه الجزيةُ عندَ الجمهورِ؛ سواءٌ كان سيدُه مسلمًا أو كافرًا، وفي روايةٍ ضعيفةٍ عن أحمدَ: لا جزيةَ على عتيقٍ، وهي روايةٌ عن مالكٍ، وروايةُ «التهذيبِ»: الفرقُ بينَ العتيقِ المسلمِ والذميِّ، والروايةُ الثالثةُ عن مالكٍ كمذهبِ الجمهورِ: تجبُ الجزيةُ على كلِّ عتيقٍ.


(١) رواه مالك (٢/ ٤٤٧)، والبيهقي في الكبرى (١٨١٢٥).
(٢) ينظر أصل الفتوى من بداية الباب إلى هنا في: مجموع الفتاوى ٢٨/ ٦٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>