للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقصيرِه، حتى يُقالُ للكاملِ: هو العالِمُ والصانِعُ، وهذا هو الشجاعُ، وأمثالُه كثيرٌ من الأسماءِ والصفاتِ؛ كالمؤمنِ، والكافرِ، والفاسقِ، والمنافقِ، واللهُ أعلمُ.

ووُرودُ حوضِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قبلَ الصراطِ، فيَرِدُه قومٌ، ويُذادُ عنه آخَرونَ قد بدَّلوا وغيَّروا، واللهُ أعلمُ.

ولا رَيْبَ أن قولَه: «أكتُبْ لكم كتابًا لن تَضِلُّوا بعدَه» (١): إنما كان أرادَ أن يكتبَ لأبي بكرٍ العهدَ في الخلافةِ بعدَه، كما فُسِّر ذلك في حديثِ عائشةَ يومَ الخميس، قال لها: «ادعي لي أباكِ وأخاكِ؛ أكتبْ لأبي بكرٍ كتابًا لا يختلفُ الناسُ عليه بعدي»، ثم علم أن الناس واللهَ يأبى ذلك فقال: «يأبى الله والمؤمنونَ إلا أبا بكرٍ» (٢)، وذلك لما كان قد نصَبَ لهم من العلامةِ على خلافتِه؛ من الصَّلاةِ بالناسِ، وسَدِّ خَوْخةِ غيرِه، وإخبارِه بحُبِّه أكثرَ من غيره وغير ذلك من العلاماتِ.

ثم لما قال عمرُ: «أهَجَرَ؟!» (٣)، نسَخ اللهُ كتابَه ذلك عن الناس،


(١) رواه البخاري (١١٤)، ومسلم (١٦٣٧)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) رواه مسلم (٢٣٨٧)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) تتمة حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم تخريجه.
قال في النهاية ٥/ ٢٤٦: («أهَجَر؟» أي: اختلف كلامه بسبب المرض، على سبيل الاستفهام. أي: هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض؟ وهذا أحسن ما يقال فيه، ولا يجعل إخبارًا، فيكون إما من الفحش أو الهذيان، والقائل كان عمر، ولا يظن به ذلك). وينظر: مشارق الأنوار ٢/ ٢٦٥، فتح الباري ٨/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>