للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

ثبَت في «صحيحِ مسلمٍ» أنه قال: «الصَّلَواتُ الخمسُ، والجُمُعةُ إلى الجُمُعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ؛ كفارةٌ لما بينَهُنَّ إذا اجتُنِبتِ الكبائرُ» (١)، وهذا موافقٌ لقولِه تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما}، فإنه سُبْحانَه وعَد باجتنابِ كبائرِ ما يُنهَى عنه أن يُكفِّرَ عنا سيئاتِنا، ويُدخِلَنا مُدْخلًا كريمًا، وكذلك قولُه: {الذينَ يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}، وهو مقدِّماتُ الوَطْءِ؛ من النظَرِ، واللمسِ، والسمعِ، والمشيِ، ونحوِه، كما ثبَتَ في الصحيحِ عن ابنِ عبَّاسٍ أنه قال: «ما رأيتُ أشبَهَ باللَّمَمِ ما حدَّثَ أبو هُرَيرةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن اللهَ كتَب على ابنِ آدمَ حظَّه من الزنى، فهو مُدرِكٌ ذلك لا محالةَ، فالعينانِ تَزْنِيانِ وزِناهما النظَرُ، والأُذُنانِ تَزْنِيانِ وزِناهما السمعُ، واليدانِ تَزْنيانِ وزناهما البَطْشُ، والرجلانِ تَزْنيانِ وزِناهما المشيُ، والقلبُ يتمَنَّى ويشتهي، والفَرْجُ يُصدِّقُ ذلك، ويُكذِّبُه» (٢)، وسَمَّاه اللهُ لَمَمًا؛ لأن العبدَ يُلِمُّ بالكبيرةِ، ولا يأتيها، قال الشاعر (٣):

متَى تأتِنا تُلْمِمْ بنا في دِيارِنا تجِدْ حَطَبًا جزلًا ونارًا تأَجَّجا


(١) رواه مسلم (٢٣٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٦٢٤٣)، ومسلم (٢٦٥٧).
(٣) البيت لـ: عبيد الله بن الحر الجعفي كما في خزانة الأدب ٩/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>