للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يُعتبرُ قطعُ ثلاثةٍ من الأربعةِ؛ سواءٌ كان فيها الحلقومُ أو لم يكُنْ، وهو القولُ الذي في مذهَبِ أحمدَ، فإذا قطع وَدَجَيْه وبُلْعُومَه ولم يقطعِ الحُلْقومَ؛ يجيءُ فيه نزاعٌ، على ما تقدَّم، والأظهرُ: حِلُّه.

وإذا جُرِح الصيدُ فغاب عنه، وليس به غيرُ سهمِه؛ فإنه يحلُّ على الصحيحِ من أقوالِهم، وبه أفتى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سأله عَدِيُّ بنُ حاتمٍ: إنا نرمي الصيدَ، فنَقْتفي أثَرَه اليومينِ والثلاثةَ، ثم نجِدُه ميتًا وفيه سهمٌ، فقال: «يأكل إن شاء» (١)، وفي حديثِ أبي ثَعْلَبةَ: «إذا رميتَ سَهْمكَ فغاب ثلاثةَ أيامٍ وأدرَكْتَه؛ فكُلْ ما لم يُنْتِنْ» (٢)، فهذانِ الحديثانِ الصحيحانِ: الأولُ في البخاريِّ، والثاني في مسلمٍ، عليهما اعتمدَ العلماءُ، فإن كلاهما أفتى فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ومن أفتى بغيرِ ذلك؛ فلم يبلُغْه الحديثُ.

وأما إذا أنتَنَ؛ فيُكرَهُ أكلُه.

وأما الضَّبُعُ؛ فإنها مباحةٌ في مذهَبِ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ، وحرامٌ في مذهَبِ أبي حنيفةَ؛ لأنها من ذواتِ الأنيابِ، والأولونَ استدلوا بقولِه: «إنها صَيْدٌ»، وأمَرَ بأكلِها، رواه أهلُ السُّننِ، وصحَّحَه التِّرْمِذيُّ (٣)، وقالوا: ليس لها نابٌ؛ لأن أضراسَها صفيحةٌ، لا نابَ فيها.


(١) رواه البخاري (٥٤٨٥)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (١٩٣١)، من حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه بنحوه.
(٣) رواه أبو داود (٣٨٠١)، والترمذي (١٧٩١)، والنسائي (٢٨٣٦)، وابن ماجه (٣٠٨٥)، من حديث جابر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>