للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم ينزِلْ في التوراةِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الزبورِ، ولا في القرآنِ مثلُها» (١)، وذكر أنها فاتحةُ الكتابِ.

فأخبرَ الصادقُ المصدوقُ أنه لم ينزِلْ مثلُها، فلا يجوزُ أن يُقالَ: أُنزِلَ مثلُها، وفي الصحيحِ: «أنَّ آيةَ الكُرْسيِّ أعظمُ آيةٍ نزَلَتْ» (٢)، كما أن «الفاتحةَ أفضلُ سورةٍ نزلت» (٣).

والقرآنُ الذي تكلَّمَ اللهُ به في وصفِ نفْسِه؛ أعظمُ من القرآنِ الذي تكلَّمَ به في وصفِ خلقِه، وكلامُه الذي هو أسماؤُه؛ أفضلُ من كلامِه الذي ليسَ هو أسماءَه، والكلُّ كلامُه؛ لكنَّ الشَّرَفَ يحصُلُ من جهةِ نسبتِه إلى القائلِ المتكلِّمِ به، ومن جهةِ نسبتِه إلى المقولِ المتكلَّم فيه، فإذا كانت النسبتانِ إلى اللهِ؛ كانَ الكلامُ أشرفَ، وليس مدحُ الشعراءِ للأنبياءِ مثلَ مدحِ الشعراءِ للملوكِ.

وأمَّا إن قُدِّرَ أن له أسماءً ليستْ هي كلامَه؛ فكلامُه أفضلُ من جهةِ المتكلَّمِ به، والاسمُ أفضلُ من جهةِ المدلولِ عليه؛ لكن كلامَه أفضلُ مما ليس بكلامِه مطلقًا.

ومعرفةُ القراءاتِ التي أقْرَأَهم رسولُ اللهِ؛ سنَّة، لصاحِبِها مَزِيةٌ على مَن لم يعرِفْ ذلك، وأمَّا جَمْعُها في الصلاةِ فبدعةٌ مكروهةٌ (٤).


(١) رواه البخاري (٤٤٧٤).
(٢) رواه مسلم (٨١٠)، من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٤٦٤٧)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٤) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومعرفة القراءات … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ١٣/ ٤٠٤، الفتاوى الكبرى ١/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>