للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أمَر اللهُ به من الأعمالِ الصالحةِ، وأفضلُها التوبةُ، وما وُجِدَ قبلَ التوبةِ فإنه لم ينقُصْ صاحبَه، ولا يُتصوَّرُ أن بشرًا يستغني عن التوبةِ، كما في الصحيحِ: «أيُّها الناسُ توبوا، فإني أتوبُ إلى اللهِ في اليومِ أكثرَ من سبعينَ مرةً، وإنه ليُغانُ على قلبي فأستغفِرُ اللهَ في اليومِ مائةَ مرَّةٍ» (١).

وكذلك قولُه: «اللهُمَّ اغفِرْ لي خطأي، وجهلي، وعَمْدي، وكلُّ ذلك عندي» (٢): فيه من الاعترافِ أعظَمُ مما في دعاءِ الصدِّيقِ، والصدِّيقونَ تجوزُ عليهم جميعُ الذنوبِ باتفاقِ الأئمةِ.

فما يُلقى لأهلِ المكاشفاتِ والمخاطَباتِ من المؤمنينَ؛ هو من جنسِ ما يكونُ لأهلِ القياسِ والرأيِ؛ فلا بدَّ من عرضِه على الكتابِ والسنَّةِ والإجماعِ، فليس أحدٌ من هؤلاء المشايخِ ولا الصدِّيقينَ معصومًا، فكلُّ مَن ادَّعى غِناه عن الرسالةِ بمكاشفةٍ أو بمخاطبةٍ أو عصمةٍ، سواءٌ ادَّعى ذلك له أو لشيخِه؛ فهو من أضَلِّ الناسِ.

ومَن استدلَّ على ذلك بقصَّةِ الخضِرِ؛ فهو مِن أجهلِ الناسِ؛ فإنَّ موسى لم يكنْ مبعوثًا إلى الخَضِرِ، ولا كان يجبُ على الخضِرِ اتباعُه؛ بل قال لموسى (٣): «إني على علمٍ من علمِ اللهِ علَّمَنيه اللهُ لا تعلمُه، وأنت على علمٍ من علمِ اللهِ علَّمَكه اللهُ لا أعلمُه»، ولمَّا سلَّم عليه قال:


(١) رواه مسلم (٢٧٠٢)، من حديث الأغر المزني رضي الله عنه.
(٢) تقدم تخريجه ص … ظظ
(٣) في الأصل: قال له موسى. والمثبت من (ك) و (ع)، وهو الموافق لما في البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>