للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في المُصَرَّاةِ وغيرِها

لا يجوزُ بيعُ المَغْشوشِ ولا عملُه إذا لم يُعْلَمْ قدْرُ الغشِّ، ولو أعْلَمَ المشتريَ أنه مغشوشٌ؛ لم يجُزْ بيعُه، كاللَّبَنِ المَشوبِ، والصُّوفِ المشوبِ بالمُشاقَةِ (١)؛ لأن المشتريَ لا يعلَمُ قدْرَ الخَلْطِ، فيبقى البيعُ مجهولًا، وكلُّ ما كان من الغِشِّ في المطاعمِ والملابسِ وغيرِها.

وقد أفتى طائفةٌ من العُلَماءِ مِن أصحابِ مالكٍ وأحمدَ وغيرِهما: أن مَن صنَعَ مثلَ هذا؛ فإنه يجوزُ أن يعاقَبَ بتمزيقِ الثَّوْبِ الذي غشَّه، والتَّصدُّقِ بالطعامِ الذي غشَّه، كما يجوزُ شَقُّ ظروفِ الخَمْرِ، وكسرُ دِنانِها، وكما أمَر عمرُ بتحريقِ مكانٍ يُباعُ فيه الخمرُ (٢)، وقد نصَّ عليه أحمدُ وغيرُه، وكما «أمَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بتحريقِ الثوبَيْنِ المُعَصْفَرَينِ» رواه مسلمٌ (٣)، وكما حرَّق موسى العِجْلَ، ولم يُعِدْه إلى أهلِه، وكما تُكْسَرُ آلاتُ الملاهي.


(١) قال في تاج العروس ٢٦/ ٣٩٣: (المشاقة، كثمامة: ما سقط من الشعر، أو الإبريسم والكتان والقطن عند المشط، أي: تخليصه وتسريحه، وهي المشاطة أيضًا، أو ما طار وسقط عن المشق، أو ما خلص أو ما انقطع).
(٢) رواه عبدالرزاق (١٠٠٥١)، عن صفية قالت: وجد عمر في بيت رجل من ثقيف خمرًا، وقد كان جلده في الخمر، فحرّق بيته، وقال: «ما اسمك؟» قال: رويشد قال: «بل أنت فويسق».
(٣) رواه مسلم (٢٠٧٧)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>