للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى: {محصنين غير مسافحين}، فاشترَطَ هذه الشروطَ في الرجالِ هنا، كما اشتَرَطه في النساءِ هناك، وهو موافقٌ لقولِه: {الزاني لا ينكح إلا زانية … } الآيةَ.

وقد تنازَعَ العلماءُ في جوازِ نكاحِ الزانيةِ قبلَ توبتِها على قولَينِ، الأَوْلَى: أنه لا يجوزُ، فإنه متى تزوَّجَ زانيةً؛ لم يكُنْ ماؤُه مَصونًا محفوظًا؛ بل مختلطًا بماءِ غيرِه، والفرجُ الذي يطَؤُه مشتركًا؛ وهذا هو الزنى، والمرأةُ إذا كان زوجُها يزني بغيرِها لا يميزُ بينَ الحلالِ والحرامِ؛ كان وَطْؤُه لها من جنس وَطْءِ الزاني للمرأةِ التي يزني بها، وإن لم يَطَأْها غيرُه.

ومِن صورِ الزنى: اتخاذُ الأخدانِ.

ومَن تزوَّجَ بَغِيًّا؛ كان دَيُّوثًا بالاتفاقِ، ولا يدخُلُ الجنةَ دَيُّوثٌ، وإذا كانت المرأةُ خبيثةً؛ كان زوجُها خبيثًا، وإذا كان قرينُها خبيثًا؛ كانت خبيثةً، وبهذا عظُمَ القولُ فيمن قذَف عائشةَ أو غيرَها من أمهاتِ المؤمنينَ، ولهذا قال السَّلَفُ: (ما بغَتِ امرأةُ نبيٍّ قطُّ)، فليس في الأنبياءِ ولا الصالحينَ مَن تزوَّجَ بَغِيًّا؛ لأن ضررَ البغيِّ يتعدَّى إلى إفسادِ فراشِه، بخلافِ الكفرِ؛ فإنه لا يتعدَّى (١).

وليس للزوجِ أن يُسكِنَها حيثُ شاء، ولا يخرجُ بها حيثُ شاء؛ بل يسكُنُ بها في مسكنٍ يصلُحُ لمثلِها، ولا يخرُجُ بها إلى عند أهلِ الفجورِ؛ بل ليس له أن يعاشِرَ الفجارَ على فجورِهم، ومتى فعل ذلك؛


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (رُوِي أن رجلًا … ) في مجموع الفتاوى ٣٢/ ١٤٣، والفتاوى الكبرى ٣/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>