للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسانُ خيرُ الحيوانِ (١)، والإنسانُ خيرُ الدَّوابِّ (٢)، وإن كان الإنسانُ يدخلُ في الدوابِّ في قولِه: {إن شر الدواب}.

فإذا عُرف ذلك؛ فحيث وُجِد تفضيلُ شيءٍ على الإيمانِ؛ فإنما هو تفضيلُ نوعٍ خاصٍّ على عمومِه، أو تفضيلُ بعضِ شُعَبِه العاليةِ على غيره، واسمُ الإيمانِ قد يتناولُ النوعين جميعًا، وقد يخُصُّ أحدَهما كما تقدم، وأكثرُ اختلافِ العقلاءِ من جهةِ اشتراكِ الأسماءِ.

والإيمانُ له نورٌ في القلبِ؛ قال: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح}؛ أي: مثَلُ نورِه في قلبِ المؤمنِ كمشكاةٍ فيها مصباحٌ، إلى قولِه: {ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور}، وقال: {أو من كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به}، فسمَّى الإيمانَ الذي يهَبُه للعبدِ: نورًا.

ولا ريبَ أنه يحصلُ بسببٍ؛ مثلِ سماعِ القرآنِ وتدبُّرِه، ومثلِ رؤيةِ أهلِ الإيمانِ والنظرِ في أحوالِهم، ومعرفةِ أحوالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومعجزاتِه، والنظرِ في آياتِ اللهِ، والتفكرِ في أحوالِ نفسِ الإنسانِ، والضَّروراتِ التي يُحْدِثُها اللهُ للعبدِ تضطرُّه إلى الذلِّ للهِ والاستسلامِ له، واللَّجَأِ إليه، وقد يكونُ هذا سببًا لشيءٍ من الإيمانِ، وهذا سببًا لشيءٍ آخرَ، بل كلُّ ما يكونُ في العالمِ فلا بدَّ له من سببٍ، وسببُ الإيمانِ وشُعَبِه يكونُ تارةً من العبدِ وتارةً من غيرِه، مثلُ مَن يقيَّضُ له مَن يدعوه إلى الإيمانِ،


(١) في مجموع الفتاوى ٧/ ٦٤٨: (خيرٌ من الحيوان).
(٢) في مجموع الفتاوى ٧/ ٦٤٨: (خيرٌ من الدواب).

<<  <  ج: ص:  >  >>