للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما إذا استُعمل اسمُ الإيمانِ مقيَّدًا؛ كقولِه: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، وقولِه: «الإيمانُ أن تؤمنَ باللهِ، وملائكتِه، وكتبِه، ورسلِه، والبعثِ بعدَ الموتِ» (١)؛ فهنا قد يقالُ: إنه متناولٌ لذلك، وأن عطفَ ذلك عليه من بابِ عطفِ الخاصِّ على العامِّ، كقولِه: {وملائكته ورسله وجبريل وميكال}.

وقد يقالُ: إن دلالةَ الاسمِ متنوعةٌ بالإفرادِ والاقترانِ، كلفظ الفقيرِ والمسكينِ إذا أُفْرِد أحدهما تناول الآخرَ، وإذا جُمِع بينَهما كانا صنفين.

ولا ريبَ أن فروعَ الإيمانِ مع أصولِه كالمعطوفَينِ، وهي مع جميعِه كالبعضِ مع الكلِّ.

ومن هنا نشأ النزاعُ والاشتباهُ: هل الأعمالُ داخلةٌ في الإيمانِ، أم لا؛ لكونها عُطِفت عليه؟

وقد يُعطَفُ على الإيمانِ بعضُ شُعبِه، فيقالُ: هذا أرفعُ الإيمانِ؛ أي: اليقينُ والعلمُ أرفعُ من المؤمنِ الذي ليس معه يقينٌ ولا علمٌ.

ومعلومٌ أن الناسَ يتفاضلونَ في نفسِ الإيمانِ والتصديقِ في قوتِه وضعفِه، وعمومِه وخصوصِه، وبقائِه ودوامِه، وموجِبِه ومقتضيه، وغيرِ ذلك من أمورِه، فيُخَصُّ أحدُ نوعيه باسمٍ يفضَّلُ به على النوعِ الآخرِ، ويبقى اسمُ الإيمانِ، ومثلُ ذلك متناولٌ للقسمِ الآخرِ؛ كما يقالُ:


(١) رواه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>