للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصولُ الشريعةِ تُفرِّقُ في المنهياتِ بينَ المحتاجِ وغيرِه؛ كما في المأموراتِ، فأُبيحَتِ المحرماتُ عندَ الضرورةِ؛ لا سيَّما إذا قُدِّر أنه يعدلُ عن ذلك إلى سؤالِ الناسِ، فالمسألةُ أشَدُّ تحريمًا، ولهذا قال العلماءُ: يجبُ أداءُ الواجباتِ وإن لم يقُمْ إلا بالشبهاتِ، كما سُئِلَ أحمدُ، سأله رجلٌ فقال: إن ابنًا لي مات، وعليه دينٌ، وله ديونٌ أكرهُ تقاضيها، فقال له: أتدَعُ ذِمَّةَ ابنِكَ مُرتَهَنةً؟!

ولهذا اتَّفقَ العلماءُ على أنه يُرزَقُ الحاكمُ وأمثالُه عندَ الحاجةِ، وتَنازَعوا في الرزقِ عندَ عدَمِها، وأصلُه: وليُّ اليتيمِ، قال تعالى: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}؛ إذ الشريعةُ مَبْناها على تحصيلِ المصالحِ وتكميلِها، وتعطيلِ المفاسدِ وتقليلِها، والوَرَعُ ترجيحُ خيرِ الخيرينِ بتفويتِ أدناهما، ودفعُ شرِّ الشرَّيْنِ وإن حصَل أَدْناهما.

وقد جاء في الحجامةِ أحاديثُ كثيرةٌ، وفي الصحيحِ أنه قال: «شِفاءُ أُمَّتي في ثلاثٍ: شربةِ عسلٍ، أو شرطةِ مِحْجمٍ، أو كَيَّةِ نارٍ، وما أُحِبُّ أن أَكْتوِيَ» (١)، والتداوي بالحجامةِ جائزٌ بالسُّنَّةِ المتواترةِ، وإجماعِ العلماءِ (٢).

وإذا جاء من يختمُ القماشَ بدراهمَ يدفعُها عن دَينِهِ، وذكَر أنها من


(١) رواه البخاري (٥٦٨٣)، ومسلم (٢٢٠٥) من حديث جابر رضي الله عنه.
(٢) ينظر أصل الفتوى من أول الفصل إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>