للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو المشهورُ من مذهَبِ أبي حنيفةَ، ومالكٍ، وطائفةٍ من أصحابِ أحمدَ؛ وهو الراجحُ.

وأجمَع المسلمونَ على أن الحاكمَ ليس له أن يقبلَ الرِّشْوةَ؛ وسواءٌ حكم بحقٍّ أو باطلٍ، ولا يحكمُ لنفْسِه، وليس للحاكمِ أن يكونَ له وكيلٌ يُعرَفُ أنه وكيلُه؛ يتَّجِرُ له في بلادِ عملِه، وإذا عُرِف أن الحاكمَ بهذه المثابةِ؛ فإنه يُنهَى عن ذلك، فإن انتهى؛ وإلا استُبدِل مَن هو أصلَحُ منه إن أمكن.

وإذا فصَل الحكومةَ بينَه وبينَ غَريمِه حاكمٌ نافذُ الحكمِ في الشرعِ لعلمِه ودينِه؛ لم يكُنْ لغريمِه أن يحاكمَ عندَ حاكمٍ آخَرَ.

وإذا قال الحاكمُ: ثَبَت عندي، فهل هو حكمٌ؟ فيه وجهانِ (١).

وفي قبولِ شهودِ الفرعِ معَ إمكانِ حضورِ شهود الأصلِ؛ نزاعٌ، والقولُ به مذهب أبي يوسفَ ومحمدٍ.

وحديثُ معاذٍ لما بعثَه إلى اليمنِ قال فيه: «فإن لم أجِدْ في سنةِ رسولِ الله حكمتُ برأيي» (٢)؛ طعَن فيه جماعةٌ، ورُوِي في مسانيد السنن، ورواه أبو داودَ، واستدلَّ به طوائفُ من الفقهاءِ وأهلِ الأصولِ في كُتُبِهم، ورُوِي من طرقٍ.


(١) قال في الفتاوى الكبرى ٥/ ٥٦٥: (وإخبار الحاكم أنه ثبت عندي بمنزلة إخباره أنه حكم به، أما إن قال: شهد عندي فلان، أو أقر عندي؛ فهو بمنزلة الشاهد).
(٢) رواه أحمد (٢٢٠٦١)، وأبو داود (٣٥٩٢)، والترمذي (١٣٢٧)، من حديث رجال من أصحاب معاذ رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>