للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم المظلومُ إذا طالبَ بها يومَ القيامةِ وعليه زكاةٌ؛ فلا تُقوَّمُ هذه بالزكاةِ؛ بل عقوبةُ ترك الزكاةِ أعظمُ من حسنةِ المظالمِ، والوعيدُ بتَرْكِ الزكاةِ عظيمٌ.

ولكنَّ الذي ورد: أن الفرائضَ تُجبَرُ بالنوافلِ، فهذا إذا تصدَّقَ باختيارِه صدقةَ تطوُّعٍ لا يكونُ شيئًا خرَج بغيرِ اختيارِه؛ فإنه يُرجَى له أن يُحاسَبَ بما فوته من الزكاةِ إذا كان مِن أهلِها العازمِينَ على فِعْلِها.

وأولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ عن الصَّلاة، فإن أكمَلَها؛ وإلا قيلَ: انظروا (١) إن كان لعبدي تطوُّعٌ، فيُكمَّلُ بها فريضتُه، ثم الزكاةُ كذلك، ثم تُؤخَذُ الأعمالُ على حسابِ ذلك؛ روي ذلك في «المسنَدِ» (٢)؛ وهذا لأن التطوُّعَ من جنسِ الفريضةِ، فأمكَنَ الجُبْرانُ به عندَ التعذُّرِ، كما قال الصدِّيقُ: «واعلم أن اللهَ لا يقبلُ نافلةً حتى تُؤدَّى الفريضةُ» (٣).

فيكونُ من رحمةِ اللهِ به أن يجعلَ النَّفْلَ مثلَ الفرضِ، بمنزلةِ مَن أحرمَ بالحجِّ تطوُّعًا وعليه فرضُه؛ فإنه يقعُ فرضاً عندَ طائفةٍ؛ كالشافعيِّ وأحمدَ في المشهورِ، وكذلك في رمضانَ عندَ أبي حنيفةَ، وقولٌ في مذهَبِ أحمدَ.


(١) في (الأصل): انظر. والمثبت من (ك).
(٢) رواه أحمد (١٦٦١٤)، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه أبو داود (٨٦٤)، والترمذي (٤١٣)، والنسائي (٤٦٥)، وابن ماجه (١٤٢٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) رواه ابن المبارك في الزهد (٩١٤)، وابن أبي شيبة (٣٤٤٣٣)، وسعيد بن منصور في التفسير من سننه (٩٤٢)، والزهد لأبي داود (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>