للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه: {ومن أعرض عن ذكري … } الآيةَ: يشملُ الكافرَ، فله منها أحقُّ الوعيدِ، ويشملُ المؤمنَ المُرتكِبَ الكبيرةِ، فله بقدرِ إعراضِه.

ومذهبُ أهلِ السُّنَّةِ: أن الشخصَ الواحدَ تجتمعُ فيه الحسناتُ والسيئاتُ، فيستحقُّ الثوابَ والعقابَ جميعًا.

وسماعُ الميتِ لقَرْعِ نِعالِهم، ولسلامِ المسلِّم عليه (١)، ونحوِ ذلك مما ثبَتَ أن جنسَ الأمواتِ يسمعونَ: ليس ذلك مخصوصًا بقومٍ معيَّنِينَ؛ بل هو مطلَقٌ.

وقولُه: {فإنك لا تسمع الموتى}؛ المرادُ: السماعُ المعتادُ الذي يتضمَّنُ القَبولَ والانتفاعَ، كما نفى في حقِّ الكفارِ السماعَ النافعَ في قولِه: {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم}، وقولِه: {لو كنا نسمع أو نعقل}.

فإذا كان قد نفى عن الكافرِ السمعَ مطلقًا، وعُلِم أنَّ ما نَفى عنه سمعُ القلبِ المتضمِّنُ للفهمِ والقَبولِ، لا مجرَّدُ سمعِ الكلامِ، فكذلك المشبَّهُ به؛ وهو الميتُ.

والذي قاله فيه: «إن الميتَ إذا حُمِل قال: قدِّموني، أو يقولُ: يا وَيْلَها … » (٢) ليس هو الكلامَ المعتادَ بتحرك اللسانِ؛ فإنه لو كان كذلك


(١) قوله: (المسلم عليه) سقط من (ع).
(٢) رواه البخاري (١٣١٤)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>