للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان في شرطِ الواقفِ: أنه لا يُؤْجَرُ أكثرَ من سنتينِ، وتعطلَ وخربَ، ولا تُمكنُ إجارتُه وعمارتُه إلا بأربعِ سنينَ؛ أُوجِر كذلك، وإن كان فيه مخالفةٌ لشرطِ الواقفِ المُطلَقِ، ولا يفسُقُ فاعلُ ذلك.

ومَن وقَف وقفًا، وشرَط نظَرَه له مدةَ حياتِه، ثم مِن بعدِه إلى الأرشدِ مِن أولادِه، فغاب عن البلدِ؛ فأجاب طائفةٌ: بأن النظرَ للحاكمِ مدةَ الغَيْبةِ، وأن الواقفَ إذا خرَج عن الأهليةِ؛ كان النظَرُ للحاكمِ، لا لولدِه، بناءً على أن الانتقالَ إلى الولدِ لا يكونُ إلا بعدَ مماتِه.

قلت: - قال شيخُ الإسلامِ-: كأنَّهم جعَلوا توليةَ الوقفِ كتزويجِ الأَيِّمِ إذا غاب الوَلِيُّ الأقربُ، وفيه نظَرٌ؛ لأن لهذا ولايةَ الاستقلالِ لا الاستئذانِ، وليس في التأخيرِ تفويتُ كفءٍ، بل مضَتِ السُّنَّةُ بأن الأئمَّةَ يُولُّونَ معَ بُعْدِ الدارِ شرقًا وغربًا، وكذلك المستحِقُّونَ للولايةِ بالشرطِ، وليسَ أمرُ الولاياتِ كالتزويجِ وحفظ المال (١)؛ بل الولايةُ على الولاياتِ أوسعُ من الولايةِ على البُضْعِ والمالِ، فإذا مات المدرسُ -مثلًا- فلا يُولِّيه حاكمُ البلدِ؛ بل يراسِلُ الناظرَ، فأما الانتقالُ بخروجِه عن الاستقلالِ بالحياةِ؛ ينتقلُ؛ كالموتِ، وينتقلُ إلى الأبعدِ، كما في وليِّ النكاحِ.

وقوله: (بعده)؛ كقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لا نبِيَّ بعدي» (٢) أي: بعدَ نُبُوَّتي.


(١) قوله: (المال) زيادة من (ك)، وسقطت من الأصل.
(٢) رواه البخاري (٣٤٥٥)، ومسلم (١٨٤٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>