للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على قراءةِ السجدةِ يومَ الجمعةِ، وإن فعَلَهه لأجلِ تأليفِ القلوبِ وتركِ الخصامِ؛ فحسَنٌ، فالفعلُ الواحدُ يُستحَبُّ تارةً، ويُترَكُ أخرى بحسَبِ المصالحِ.

وكذلك لو جهَر بالبسملةِ مَن يرى التخافُتَ؛ لأجلِ تأليفِ قلوبِ المأمومينَ خلفَه، أو خافتَ بها مَن يرى الجهرَ؛ فهو حسَنٌ، كما كان عمرُ يجهرُ بالاستفتاحِ لأجلِ تعليمهمِ السُّنةَ فيه، وجهَر غيرُ واحدٍ من الصحابةِ بالاستعاذةِ والبسملةِ؛ ليُعلِمَهم أن قراءَتها في الصلاةِ سنةٌ؛ كما قرأ ابنُ عباسٍ على جَنازةٍ بأمِّ الكتابِ جهرًا (١).

والناسُ قد تنازعوا:

فقيل: لا قراءةَ في الجَنازةِ، وقيل: بلى، قيلَ: واجبةٌ، وقيلَ: سنةٌ، وهو أعدلُ الثلاثةِ، فالسلَفُ فعلوا هذا وهذا، كانوا يُصلُّونَ على الجَنازةِ بالقراءةِ وغيرِها، كما يصلُّونَ بالجهرِ بالبسملةِ وبغيرِ جهرٍ، وتارةً باستفتاحٍ وتارةً بغيرِه، برفعِ اليدَيْنِ في المواطنِ الثلاثةِ وتارةً بغيرِ رفعٍ، وتارةً بتسليمتينِ وتارةً واحدةٍ، ويقرؤونَ خلفَ الإمامِ في السرِّ وتارةً لا يقرؤونَ، وتارةً يكبِّرونَ على الجَنازةِ أربعًا، وتارةً خمسًا وتارةً سبعًا، كلُّ ذلك ثابتٌ عنهم، وتارةً بترجيعِ الأذانِ وتارةً بغيرِه، وتارةً بوترِ الإقامةِ وتارةً بغيرِ وترِها.

فهذه الأمورُ وإن كان أحدُها أرجحَ منَ الآخَرِ؛ فمن فعلَ المرجوحَ


(١) تقدم تخريج أثرَيْ عمر وابن عباس رضي الله عنهم ص … ظظ

<<  <  ج: ص:  >  >>