للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فائدة]

قراءةُ القرآنِ في الطُّرُقاتِ وفي الأسواقِ مَنْهيٌّ عنها؛ لأنه للتأكُّلِ على القرآنِ، وفيه ابتذالُ القرآنِ، وقد لا يُصغى إليه.

وأما قولُه صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الميتَ يُعذَّبُ ببكاءِ أهلِه عليه» (١)؛ فقد أشكَلَ على كثيرٍ:

فطائفةٌ ظنَّتْ أنه غيرُ صحيحٍ؛ كعائشةَ (٢) والشافعيِّ.

ومِن الناسِ مَن يتأوَّلُه على ما إذا أوصى به.

ومنهم من تأوَّلَه على ما إذا لم يَنْهَ عنه معَ اعتيادِهم له.

وهؤلاءِ ظنوا أن العذابَ لا يكونُ إلا على ذنبٍ، فاحتاجوا إلى أن يجعلوا للميتِ ذنبًا، وليس الأمرُ كذلك؛ بل العذابُ قد يكونُ على ذنبٍ، وقد لا يكونُ، قال النبيُّ: «السَّفَرُ قطعةٌ من العذابِ» (٣)، وهو لم يقُلْ: إنه يُعاقَبُ؛ بل يُعذَّبُ بالإيذاء كما قد يتألمُ الحيُّ بشمِّ الرائحةِ الكريهةِ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم للنساءِ: «ارجِعْنَ مَأْزُوراتٍ، إنكنَّ تُؤذِينَ الميتَ» (٤)، وقال: «ما مِن ميتٍ يموتُ، فيقولُ قائلُهم: واجَبَلاهْ،


(١) رواه البخاري (١٢٨٦)، ومسلم (٩٢٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) رواه مسلم (٣٩٧٨)، عن عروة بن الزبير عنها.
(٣) رواه البخاري (١٨٠٤)، ومسلم (١٩٢٧)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) رواه ابن ماجه (١٥٧٨)، من حديث علي رضي الله عنه بلفظ: «فارجعن مأزورات غير مأجورات»، دون الزيادة المذكورة.
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد (٧/ ١٥٤)، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٤٢٠)، من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ: «ارجعن مأزورات غير مأجورات، مفتنات الأحياء، مؤذيات الأموات».

<<  <  ج: ص:  >  >>