للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويأمرُه بالخيرِ، وينهاه عن الشرِّ.

ثم قد يكونُ بعضُ أسبابِه أهونَ على بعضِ الناسِ من بعضِها الآخرِ، ومنهم من يكونُ العلمُ أيسرَ عليه من الزُّهدِ، وبالعكسِ، ومنهم من تكونُ العبادةُ أيسرَ عليه منهما.

فالمشروعُ لكلِّ إنسانٍ أن يفعلَ ما يقدِرُ عليه من الخيرِ، كما قال: {فاتقوا الله ما استطعتم}.

وإذا ازدحمتْ شُعَبُه؛ قَدَّمَ ما كان أرْضى للهِ، وهو عليه أقدرُ، فقد يكونُ على المفضولِ أقدرَ منه على الفاضلِ، ويحصلُ له أفضلُ مما يحصلُ له من الفاضلِ، فالأفضلُ لهذا أن يطلبَ ما هو أنفعُ وهو في حقِّه أفضلُ، لا يطلبُ ما هو الأفضلُ مطلقًا إذا كان متعسرًا عليه؛ إذ قد يفوتُه ما هو أفضلُ له وأنفعُ؛ كمن يقدِرُ أن يقرأَ القرآنَ بالليلِ فيتدبرَه وينتفعَ بتلاوتِه، والصلاةُ تثقُلُ عليه ولا ينتفعُ بها بطائلٍ، أو ينتفعُ بالذِّكرِ أعظمَ مما ينتفعُ بالقراءةِ، فأيُّ عملٍ كان له أنفعَ وللهِ أطوعَ؛ أفضلُ في حقِّه من عملٍ لا يأتي به على وجهِه، ومعلومٌ أن الصلاةَ آكَدُ من القراءةِ، والقراءةُ أفضلُ من الذِّكرِ والدعاءِ، ومعلومٌ أن الذكرَ في وقتِه الخاصِّ كالركوعِ والسجودِ؛ أفضلُ من قراءةِ القرآنِ في ذلك المحلِّ، وأن الذِّكرَ والقراءةَ والدعاءَ عندَ طلوعِ الشمسِ وغروبِها؛ خيرٌ من الصلاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>