للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وإما بالتعزيرِ.

وليس لأحدٍ استعمالُ القرآنِ لغيرِ ما أنزلَ له، وبذلك فسَّر العلماءُ الحديثَ المأثورَ: «لا يُناظَرُ بكتابِ اللهِ» (١)؛ أي: لا يَجعَلُ (٢) له نظيرًا يَذكُرُه عندَه، كقول القائِلِ لمن قدَّمَ حاجة: «لقد جئتَ على قَدَرٍ يا موسى»، وقولِه عندَ الخصومةِ: «متى هذا الوعد؟»، «واللهُ يشهدُ إنهم لكاذبونَ» ونحوه.

ثم إن خَرَج هذا مخرجَ الاستخفافِ بالقرآنِ والاستهزاءِ به؛ كفَرَ صاحبُه، وأما إذا تُليت الآيةُ عندَ الحكمِ الذي أُنزِلت له، أو ما يُناسِبُه من الأحكامِ؛ فحسَنٌ.

ومِن هذا البابِ؛ ما يبيِّنه الفقهاءُ من الأحكامِ الثابتةِ بالقياسِ، وما يتكلمُ فيه المشايخُ والوُعَّاظُ، فلو دُعِي الرجلُ إلى معصيةٍ قد تاب منها، فقال: {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاءَ اللهُ ربنا}؛ كان حسناً، وكذا لو قال عندَ هَمِّه: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}، ونحوَ ذلك؛ لو قصَد به التلاوةَ والتنبيهَ بالقرآن على معنًى يخاطِبُ به للحاجةِ؛ كان جائزًا؛ مثلُ ما قيلَ لعليٍّ في الصَّلاةِ: {لئن أشركت ليحبطن عملك}، فقال: {فاصبر إن وعد الله حق} (٣)، فهذا ونحوُه رخَّص فيه العلماءُ.


(١) رواه ابن المبارك في الزهد (٧٩٥)، من قول الزهري رحمه الله.
(٢) في الأصل: (لا يجعله)، والمثبت من (ك).
(٣) رواه ابن جرير في تاريخه (٥/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>