للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ المياهَ المعتصَرةَ طاهرةٌ، ولا يجوزُ بها رفعُ الحدثِ.

وإن أرادَ الماءَ المطلَقَ لم يصِحَّ؛ فإن النجِسَ لا يدخلُ في المطلَقِ.

وقولُهم: طهورٌ بمعنى طاهرٍ: غلَطٌ؛ لأنَّ الطَّهورَ اسمٌ لما يُتطهَّرُ به؛ كالفَطورِ، والسَّحورِ، والوَجورِ؛ لما يُفطَرُ عليه، ويُتسحَّرُ به، ولهذا قال: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}، {وليطهركم به}، والطاهرُ لا يدلُّ على ما يُتطهَّرُ به، ومَن ظنَّ أنَّ الطَّهورَ معدولٌ عن طاهرٍ فيكونُ بمنزلتِه في التعديةِ واللزومِ النَّحْوِيَّيْنِ، فهو قولُ مَن لم يُحكِمْ قولَه من جهةِ العربيةِ.

وبهذا تظهرُ دلالةُ النصوصِ على ما قُلْناه؛ كقولِه عليه الصلاة والسلام في البحرِ: «هو الطَّهورُ ماؤُه» (١).

و «جعلت لي الأرض مسجدًا وتربتها طهورًا» (٢)، مما يُبيِّنُ أنَّ المرادَ ما يُتطهَّرُ به، ولا يجوزُ أن يُرادَ به: «طاهرٌ»؛ لفسادِ المعنى، ولا: «طَهورٌ» تعديةُ «طاهرٍ»؛ لفسادِ الاستعمالِ.


(١) رواه أحمد (٧٢٣٣)، وأبو داود (٨٣)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (٥٩)، وابن ماجه (٣٨٦)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه مسلم (٥٢٢)، من حديث حذيفة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>