للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمسلمِينَ أخذُها وهدمُها؛ لأن القاهرةَ فُتِحتْ (١) عَنْوةً، فكيفَ وكنائسُها مُحدَثةٌ، فإن القاهرةَ قد ملَكها قومٌ اتَّفقَ المسلمونَ على أنهم خارجونَ عن الشريعةِ، وأنهم كانوا إسماعيليةً، كما قال الغزالي: «ظاهرُ مذهبِهم الرفضُ، وباطنُه الكفرُ المحضُ»، واتفقوا على أن قتالَهم كان جائزًا، وهم الذينَ أحدثوا للنصارى هذه الكنائسَ، وصنَّف العلماءُ في كفرِهم وزَنْدقتِهم؛ مثلُ: القدوري، والشيخِ أبي حامدٍ الإسفرايينيِّ، والقاضي أبي يَعْلى، وأبي محمدِ بنِ أبي زيدٍ، وأبي بكر بنِ الطيبِ.

والذينَ يوجدونَ في بلادِ الإسلامِ من الإسماعيليةِ والنُّصَيريةِ والدرزيةِ هم من تباعِهم، وكان وزيرُهم بالقاهرةِ مرةً يهوديًّا، ومرةً نَصْرانيًّا أَرْمنيًّا، وقوِيَتِ النصارى بسببِ ذلك النصرانيِّ الأرمنيِّ، وبنوا كنائسَ كثيرةً بأرضِ مصرَ في دولةِ أولئكَ الرافضةِ المنافقينَ، وكانوا ينادونَ بينَ القصرينِ: «مَن لعن وسَبَّ، فله كذا»، وفي أيامِهم أخذ النصارى ساحلَ الشامِ من المسلمِينَ؛ حتى فتَحَه نورُ الدينِ محمودُ، وصلاحُ الدينِ.

وليس لأهلِ الذمةِ أن يُكاتِبوا أهلَ دينِهم من أهلِ الحربِ، ولا يُخبِروهم بشيءٍ من أخبارِ المسلمِينَ، ومَن فعل ذلك منهم وجبَتْ عقوبتُه، ونقضُ عهدِه في أحدِّ القولَينِ.


(١) قوله: (فتحت) زيادة من (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>