وإذا شهِد رجلٌ في شيءٍ أنه ملكُ فلانٍ إلى حينِ بيعِه، وحُكِم بشهادتِه، ثم شهِد بعدَ ذلك في كتابِ إقرارٍ على والدِ البائعِ بتاريخٍ متقدمٍ على تاريخِ البائعِ أنه وقَف المكانَ المذكورَ، وأن الواقفَ لم يزُلْ ملكُه إلى حينَ وقَفَه؟
فأجابَ بأن قال: رجوعُ الشاهدِ عن شهادتِه بعدَ الحكمِ بها لا تُقبَلُ، وإنما يضمَنُ، وشهادتُه الثانيةُ المنافيةُ للأولى أبلغُ من الرجوعِ، فهو أَوْلى ألَّا تُقبَلَ، والله أعلم.
ويجبُ على الشاهدِ أداءُ الشهادةِ إذا طُلِبت منه.
ولو كان الشهودُ أكثرَ من نِصابِ الشهادةِ، وطُلِب أحدُهم؛ وجَب عليه في أصحِّ قولَيِ العلماءِ.
وأما إذا كان المطلوبُ لا يتمُّ النِّصابُ إلا به؛ تعيَّنتْ عليه إجماعًا؛ إلا أن تكونَ الشهادةُ محرَّمةٌ كجورٍ أو كذبٍ ونحوِه، فلا يجوزُ أن يُعانَ على ذلك، لا بشهادةٍ ولا غيرِها.
ومَن قصَد خروجَ الريحِ منه ليُضحِكَ الجماعةَ؛ فإنه يُعزَّرُ على ذلك، وتُرَدُّ شهادتُه، فقد ذكر العلماءُ أن هذا عملُ قومِ لوطٍ، ومَن لا يستحيي من الناسِ لا يستحيي من اللهِ، قال طائفةٌ في قولِه:{وتأتون في ناديكم المُنكَر}: إنهم كانوا يتضارَطُونَ في مجالسِهم، وينصبونَ مزالقَ تَزلِقُ فيها المارةُ، ونحوُ ذلك (١).