للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالحاكمُ على أيِّ مذهَبٍ كان، إذا كانت وِلايَتُه تتناولُ النظرَ في الوقفِ؛ كان تَفْويضُه سائغًا، ولم يَجُزْ لحاكمٍ آخَرَ نقضُ ذلك، ولو ولَّى كلُّ حاكمٍ شخصًا؛ كان الواجبُ على وَلِيِّ الأمرِ أن يقدمَ أحَقَّهما (١).

ومَن وقَف على ولدَيْه عمرَ وعبدِ اللهِ بينَهما بالسويةِ أبدًا ما عاشوا، ثم على أولادِهما من بعدِهما، وأولادِ أولادِهما، ونَسْلِهما، وعقِبِهما بطنًا بعدَ بطنٍ، فتُوُفِّيَ عبدُ اللهِ، وخلَّفَ أولادًا، فرفع عمرُ لولدِ عبدِ اللهِ إلى حاكمٍ يرى الحكمَ بترتيبِ الجمعِ، وسألَه رفعَ يَدِ ولدِ عبدِ اللهِ عن الوقفِ، وتسليمَه إليه؛ ففعل: فليس الحكمُ جاريًا في جميعِ البطونِ، ولا يكونُ حكمًا لأولادِه بما حكَم له به، فإن قولَه: (ثم على أولادِهما) هو لترتيبِ المجموعِ على المجموعِ، أو لترتيبِ الأفراد على الأفرادِ؛ بحيثُ ينتقلُ نصيبُ كلِّ ميتٍ إلى أولادِه؟ فيه قولانِ (٢)، فإذا حكم الحاكمُ باستحقاقِ عمرَ الجميعَ بعدَ موتِ عبدِ اللهِ؛ كان لاعتقادِه أنه لترتيبِ المجموعِ، فإذا مات عمرُ فقد يكونُ ذلك الحاكمُ يرى الترتيبَ في الطبقةِ الأولى فقط، وقد يكونُ يرى الترتيبَ في جميعِ البطونِ؛ لكنْ ترتيبُ الجميعِ على الجميعِ، وتشتركُ كلُّ طبقةٍ من


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (إذا وقَف وَقْفًا … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣١/ ٧٢، والفتاوى الكبرى ٤/ ٢٧٣.
(٢) قال في الاختيارات للبعلي (ص ٢٥٩): (والأظهر فيمن وقف على ولديه نصفين، ثم على أولادهما وأولاد أولادهما وعقبهما بعدهما، بطنًا بعد بطن: أنه ينتقل نصيب كل واحد إلى ولده، وإن لم ينقرض جميع المستحقين من البطن الأول، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد).

<<  <  ج: ص:  >  >>