للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن ورِثَ من آبائِه ملكًا هو للسلطانِ مقاسَمة الثلث ثلث المغَلِّ؛ فليس لأحدٍ أن ينزِعَ حقوقَ الناسِ التي بأيديهم، ولا يجوزُ رفعُ أيدي المسلمِينَ الثابتةِ على حقوقِهم؛ إذ الأرضُ الخراجيةُ كالسوادِ وغيرِه نُقِل من المخارجةِ إلى المقاسمةِ، كما فعل ذلك المنصورُ بسوادِ العراقِ، وأُقِرَّتْ بيد أهلِها، وهي تنتقلُ عن أهلِها إلى ذُرِّيتِهم وغيرِهم بالإرثِ والوصيةِ والهِبَةِ، وكذلك البيع في أصحِّ قولي العلماءِ؛ إذ حكمُها بيدِ المشتري كحكمِها بيدِ البائعِ، وليس هذا تَبعًا للوقفِ الذي لا يُباعُ ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ، كما غلِط في ذلك مَن منَعَ بَيْعَ أرضِ السوادِ معتقدًا أنها كالوَقْفِ الذي لا يجوزُ بيعُه؛ معَ أنه يجوزُ أن يُورَثَ ويُوهَبَ؛ إذ لا خلافَ في هذا؛ بل ينبغي أن يَبيعَ (١) ما لبيتِ المالِ من هذه الأَرَضِينَ، وما لبيتِ المالِ من المقاسمةِ الذي هو بمنزلةِ الخَراجِ، فمثلُ هذا لا يُباعُ لما فيه من إضاعةِ حقوقِ المسلمِينَ (٢).

ومَن أخذَ مالَ أستاذِه، فاشترى به مماليكَ وأعتَقَهم؛ فإن كان اشترى بإذنِه؛ فلا يصِحُّ العتقُ إلا بإذنِه، وإن اشترى بمالِه بغيرِ إذنِه؛ فلصاحبِ المالِ أخذُهم، وله أن يغرمَه مالَه، وإذا أعتَقَهم هذا المشتري


(١) في الأصل: بيع. والمثبت من مجموع الفتاوى.
(٢) قوله: (فمثلُ هذا لا يُباعُ لما فيه من إضاعةِ حقوقِ المسلمِينَ) هي في أصل الفتوى من مجموع الفتاوى: (وقيل: لاتباع لما فيه من إضاعة حقوق المسلمين)، ولعل ما في مجموع الفتاوى هو الأقرب؛ لأنه نص أولًا على جواز البيع.
و ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومَن ورِثَ من آبائِه … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢٨/ ٥٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>