الذي عليه أئمةُ المسلمِينَ: أنه ليس على أحدٍ ولا شُرِع له التزامُ قولِ شخصٍ معينٍ في كلِّ ما يوجبُه ويُحرِّمُه ويُبيحُه؛ إلا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
لكن منهم مَن يقولُ: على المستفتي أن يُقلِّدَ الأعلمَ الأوْرَعَ ممن يمكنُ استفتاؤُه. ومنهم من يقول: بل يتخيرُ بينَ المفتينَ.
وإذا كان له نوعُ تمييزٍ؛ فقد قيلَ: يتبع أيَّ القولَينِ أرجحَ عندَه بحسَبِ تمييزِه، فإن هذا أولى من التخييرِ المُطلَقِ.
وقيلَ: لا يجتهدُ إلا إذا صار من أهلِ الاجتهادِ، والأولُ أشبهُ.
فإذا ترجَّح عندَ المستفتي أحدُ القولَينِ؛ إما لرُجْحانِ دليلِه بحسَبِ تمييزِه، وإما لكونِ قائِلِه أعلمَ وأورعَ: فله ذلك، وإن خالفَ قولُه المذهبَ (١).
وليس تطليقُ المرأةِ من بِرِّ الأمِّ إذا طلَبَتْه منه.
ومَن قال: إن أبرأتِيني طلَّقْتُكِ، فقالت: أبرأتُكَ، فلم يُطلِّقْها؛ لم يصِحَّ الإبراءُ، فإن هذا إيجابٌ وقبولٌ لما تقدَّمَ من الشروطِ، ودلالةُ الحالِ والتقديرُ: أبرأتُكَ بشرط أن تطلِّقَني، فالشرطُ المتقدِّمُ على العقدِ كالمقارنِ.
(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (الذي عليه أئمةُ المسلمِينَ … ) في مجموع الفتاوى ٣٣/ ١٦٨، والفتاوى الكبرى ٣/ ٣٢٩.