للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

الماءُ المتغيرُ بالطاهرِ مما يمكنُ صَوْنَه عنه فيه قولانِ؛ لأحمدَ وغيرِه.

قال شيخُ الإسلامِ: والصحيحُ عندي - وعليه أكثرُ نصوصِ أحمدَ - أنَّه لا يسلُبُه الطهوريةَ؛ لأنَّ المتغيِّرَ بالطاهراتِ: إمَّا أن يتناولَه اسمُ الماءِ عندَ الإطلاقِ، أو لا، فإن تناولَه: فلا فرْقَ بينَ ما يمكنُ صَوْنُه، وما لا يمكنُ صَوْنُه، وبينَ ما تغيَّرَ بأصلِ الخلقةِ وغيرِه، وإذا تناولَه فلا فَرْقَ بينَ هذينِ النوعينِ وبينَ غيرِهما؛ إذ الفَرْقُ بينَ ما كان دائمًا أو حادِثًا وما كان يمكنُ الاحترازُ عنه وما لا يمكنُ إنما هي فروقٌ فقهيةٌ، أمَّا كونُها فروقًا من جهةِ اللغةِ وتناول اللفظِ له فلا.

وبهذا يظهرُ الجوابُ عن جميعِ شواهدِ أدلتِهم؛ مثلُ: اشتراءِ الماءِ في بابِ الوكالةِ والنَّذْرِ، أو الوَقْفِ، أو اليمينِ، أو غيرِ ذلك؛ فإنَّ خطابَ الناسِ في هذه الأحكامِ لا فَرْقَ فيه بينَ متغيِّرٍ وحادِثٍ، فحينئذ قولُه: {فلم تجدوا ماء} إن كان شاملًا للمتغيرِ بأصلِ الخلقةِ أو لما تغيرَ بما يشُقُّ الاحترازُ عنه فهو شاملٌ لما تغيرَ بما لا يشُقُّ صَوْنُه عنه، وإذا كانت دلالةُ القرآنِ على الكلِّ سواءً؛ كان التمسُّكُ بدلالةِ القرآنِ حجةً لمن جعله طهورًا، لا عليه.

وليس في المسألةِ دليلٌ منَ السنةِ، ولا منَ الإجماعِ، ولا منَ القياسِ؛ بلِ الأحاديثُ كما في المُحرِمِ الذي وقَصَتْه ناقَتُه: «اغسِلُوه

<<  <  ج: ص:  >  >>