للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أُجيبَ عن كلامِ مَن طعَن فيه، وصنَّفَ أبو [عبدِ اللهِ] (١) محمدُ بنُ عبدِ الواحدِ المقدسيُّ جزءًا ردَّ فيه على ابنِ عبدِ البَرِّ وغيرِه.

ولفظُ «القُلَّةِ» معروفةٌ عندَهم أنه الجَرَّةُ الكبيرةُ كالحُبِّ، وكان يُمثَّلُ بها؛ كما في سِدْرةِ المُنتهى: «وإذا ورَقُها مِثْلُ آذانِ الفِيَلةِ، وإذا نَبْقُها مِثْلُ قِلالِ هجَرَ» (٢)، وهي قِلالٌ معروفةُ الصَّنعةِ والمقدارِ، فإنَّ التمثيلَ لا يكونُ بمختلِفٍ، وهذا يُبطِلُ كونَ القُلَّةِ قُلَّةَ الجبلِ، فإنها مختلفةٌ، فيها المرتفعُ كثيرًا، وما هو دونَه، وليس في الوجودِ ماءٌ يصلُ إلى قُلَلِ الجبالِ إلا ماءُ الطوفانِ، فحَمْلُ كلامِه على مِثْلِ ذلك يُشبِهُ الاستهزاءَ بكلامِه.

ومِن عادتِه أنه يقدِّرُ المُقدَّراتِ بأوعيتِها؛ كقولِه: «ليسَ فيما دونَ خمسةِ أَوْسُقٍ صدقةٌ» (٣)، والوَسْقُ حِمْلُ الجملِ، «وكان يتوضأُ بالمُدِّ، ويغتسلُ بالصاعِ» (٤)، وذلك من أوعيةِ الماءِ، فكذا تقديرُ الماءِ بالقِلالِ مناسبٌ؛ لأنها وِعاءُ الماءِ (٥).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) رواه البخاري (٣٨٨٧)، من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (١٤٠٥)، ومسلم (٩٧٩)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٤) رواه البخاري (٢٠١)، ومسلم (٣٢٥)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٥) ينظر أصل الفتوى من قوله: (قد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢١/ ٤١، الفتاوى الكبرى ١/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>