للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك مَن شكَّ: هل وجَبَ عليه غُسْلٌ أو وُضوءٌ بحدَثٍ، أم لا؟ فإنه لا يجبُ عليه غُسْلٌ، وكذا الوضوءُ عندَ جمهورِ العُلَماءِ؛ لكن يُستحَبُّ له التطهُّرُ احتياطًا، وإذا فعَل ذلك وكان واجبًا عليه في نفسِ الأمرِ؛ أجزأَ عنه، {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.

وكذلك الشارعُ جعَل عملَ الغيرِ عنه يقومُ مَقامَ فعلِه فيما عجَز عنه؛ مثلُ مَن وجَبَ عليه الحجُّ وهو معضوبٌ (١)، أو مات ولم يحُجَّ، أو نذَرَ صومًا أو غيرَه ومات قبلَ فِعْلِه؛ فعَلَه عنه وَلِيُّه، وقال: «فدَيْنُ اللهِ أحَقُّ بالقضاءِ» (٢)؛ أي: أحقُّ بأن يُستَوْفَى من وارثِ الغريمِ؛ لأنه أرحَمُ من العبادِ، فهذا تشهَدُ له الأصولُ، أما أن يُعتدَّ له بالدَّينِ على الناسِ معَ كونِه لم يَصرف الزكاةَ؛ فلا يصِحُّ.

نعم، لو كان للناسِ عليه مظالِمُ أو ديونٌ بقدرِ مالِه عندَ الناسِ؛ كان يسوغُ أن يقالَ: يُحاسَبُ بذلك، فيُؤخَذُ حقُّه من هذا، ويُصرَفُ إلى هذا، كما يُفعَلُ في الدنيا بالمدينِ الذي له وعليه، وكلُّ هذا من حكمِ العدلِ بينَ العبادِ، {ولا يظلم ربك أحدا}.

فَصْل

يجوزُ دفعُ الزكاةِ إلى الوالدَينِ إذا غرِموا، أو كانوا مُكاتَبِينَ في


(١) قال في القاموس المحيط ص ١١٦: (المعضوب: الضعيف، والزَّمِن لا حراك به).
(٢) رواه البخاري (١٨٥٢)، ومسلم (١١٤٨)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>