للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليلةٍ من رجبٍ، وأولِ ليلةِ جمعةٍ من رجبٍ، وليلةِ سبعٍ وعشرينَ منه، وليلتي العيدينِ، والألفيةِ ليلةَ النصفِ: كلُّها كذِبٌ موضوعةٌ، ولم يكُنْ أحدٌ يأمرُ بتخصيصِ هذه الليالي بقيامٍ أصلًا.

وقولُ أحمدَ: (إذا جاء الترغيبُ والترهيبُ تساهَلْنا في الإسنادِ)؛ إنما أرادَ أنَّه إذا كانَ الأمرُ مشروعًا، أو منهيًّا عنه بأصلٍ مُعتمَدٍ، ثم جاء حديثٌ فيه ترغيبٌ في المشروعِ أو ترهيبٌ في النهيِ عنه، لا نَعلَمُ أنه كذِبٌ، وما فيه من الثوابِ والعقابِ قد يكونُ حقًّا؛ ولو قُدِّرَ أنه ليس كذلك فلا بدَّ فيه من ثوابٍ وعقابٍ.

أمَّا أنه يَرْويه معَ علمِه بأنه كذِبٌ؛ فمَعاذَ اللهِ، لا يجوزُ ذلك؛ إلا معَ بيانِ حالِه، ولا يُستنَدُ إليه في ترغيبٍ ولا غيرِه.

وكذلك لا يجوزُ أن يُثبَتَ به حكمٌ شرعيٌّ؛ من نَدْبٍ، أو كراهةٍ، أو فضيلةٍ، ولا عملٌ مُقدَّرٌ في وقتٍ معينٍ بحديثٍ لم يُعلَمْ حالُه أنه ثابتٌ، فلا بدَّ من دليلٍ ثابتٍ يثبُتُ فيه الحكمُ الشرعيُّ؛ وإلا كان قولًا على اللهِ بغيرِ علمٍ (١).

ومن العجبِ أن طائفةً من أصحابِ أحمدَ فضَّلوا ليلةَ الجمعةِ على ليلةِ القدرِ، ورَأَوْا أن إحياءَها أفضلُ من إحياءِ ليلةِ القدرِ (٢)، وقد ثبَتَ


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وقول أحمد … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ١٨/ ٦٥.
(٢) حكى ابن عقيل ذلك رواية عن أحمد، واختارها: ابن بطة وأبو الحسن الخرزي وأبو حفص البرمكي. ينظر: الفروع ٥/ ١٢٨، الإنصاف ٧/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>