للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدُهما: أنها لا تصلُحُ مَقيلًا ولا مَراحًا؛ لأن الماشيةَ لا تقيلُ إلا بأرضٍ تقيمُ بها عادةً بقربِ ما ترعاه وتشربُ منه، أما الفيافي التي ليس بها ماءٌ ولا زرعٌ ولا عمارةٌ؛ فلا تصلُحُ مَقيلًا ومَراحًا، وإجارةُ العينِ لمنفعةٍ ليست فيها؛ باطلةٌ.

الثاني: أن هذه المنفعةَ إذا كانت حاصلةً؛ فهي غيرُ مُتقَوَّمةٍ في مثلِ هذه الأرضِ؛ بل البَرِّيَّةُ كلُّها تشاركُ هذه الأرضَ في كونِها مَقيلًا ومَراحًا، والمنفعةُ التي لا قيمةَ لها في العادةِ، بمنزلةِ الأعيانِ التي لا قيمةَ لها؛ لا يصحُّ أن يَرِدَ عليها عقدُ إجارةٍ ولا بيعٍ باتِّفاق؛ كالاستظلالِ، والاستضاءةِ بنارِه من بُعْدٍ، والناسُ يعلمونَ: هل رَوِيتْ، أم لا؟ (١).

فَصْلٌ

إذا كانت الإجارةُ لازمةً؛ فليس للمؤجِرِ أن يُحوِّلَهُ قبلَ انقضاءِ المدةِ؛ سواءٌ حصَلتْ زيادةٌ في أثناءِ المدةِ أو لم تحصُلْ، وسواءٌ كانت العينُ وقفًا أو طلقًا؛ ليتيمٍ أو غيرِه، هذا مذهَبُ الأئمَّةِ الأربعةِ وغيرِهم، لم يقُلْ أحدٌ من المسلمِينَ: إن الإجارةَ المطلقةَ تكونُ لازمةً من أحدِ الطرفينِ في وقفٍ ولا غيرِه، وإن شذَّ بعضُ المتأخِّرِينَ فحكَى نزاعًا في بعضِ ذلك؛ فهو مسبوقٌ باتِّفاقِ الأئمَّةِ قبلَه.


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (وتجوزُ إجارةُ أرضِ … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>