للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن إذا اعتاد الناسُ القيامَ، وقدِم مَن لا يرى كرامتَه إلا بالقيامِ له، وإذا تُرِك ذلك توَهَّمَ نقصَه، وتولَّدَ من ذلك عداوةٌ وشرٌّ؛ فالقيامُ له على هذا الوجهِ لا بأسَ به، وإنما الأعمالُ بالنياتِ.

وأما تقبيلُ اليدِ؛ فلم يكونوا يعتادونَه إلا قليلًا، ولما قدِموا عليه عامَ مؤتةَ قبَّلوا يدَه، وقالوا: نحن الفَرَّارُونَ، قال: «بل أنتم العَكَّارونَ» (١)، وقبَّل أبو عُبَيدةَ يدَ عمرَ (٢)، وأرخص أكثرُ الفقهاءِ - أحمدُ وغيرُه - لمن فعَل ذلك على وجهِ التديُّنِ، لا على وجهِ التعظيمِ للدنيا، وكرِه ذلك آخرونَ؛ كمالكٍ وغيرِه، وقال سليمانُ بنُ حربٍ: (هي السجدةُ الصغرى).

وأما ابتداءُ مدِّ اليدِ للناسِ ليُقبِّلوها، وقصْدُه لذلك؛ فيُنهَى عن ذلك بلا نزاعٍ؛ كائن من كان، بخلافِ ما إذا كان المُقبِّلُ هو المبتدئَ بذلك، وفي «السننِ» قالوا: يا رسولَ اللهِ، الرجل يلتقي أخاه، أيَنْحني له؟ قال: «لا»، قالوا: فيلتزِمُه ويعانِقُه؟ قال: «لا»، قالوا: فيصافِحُه؟ قال: «نعم» (٣).


(١) رواه أحمد (٥٣٨٤)، وأبو داود (٢٦٤٧)، والترمذي (١٧١٦)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
العكارون: أي: الكرارون إلى الحرب، والعطافون نحوها. ينظر: النهاية ٣/ ٢٨٣.
(٢) رواه ابن وهب في الجامع (١٧٣) والبيهقي في الكبرى (١٣٥٨٥).
(٣) رواه أحمد (١٣٠٤٤)، والترمذي (٢٧٢٨)، وابن ماجه (٣٧٠٢)، من حديث أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>