مخلوق، وأنه لا يُرَى في الآخرةِ، وأنه ليس مباينًا لخلقِه، وأمثالَ هذه المقالاتِ المستلزمةِ تعطيلَ الخالقِ، وليس كلُّ من خالفَ ما عُلِم بطريقِ العقلِ كان كافرًا، ولو قُدِّرَ أنه جحَد بعضَ صرائحِ العقلِ؛ لم يُحكَمْ بكفرِه؛ حتى يكونَ قوله كفرًا في الشريعةِ، بخلافِ مَن خالفَ ما عَلِم أن الرسولَ جاء به؛ فإنه كافرٌ بلا نزاعٍ.
وذلك أنه ليس في الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا في قولِ أحدٍ من سلف الأمةِ: الإخبارُ عن اللهِ بأنه مُتحيِّزٌ، أو ليس بمُتحيِّزٍ، ولا في الكتابِ والسُّنَّةِ: أن مَن قال هذا وهذا يكفُرُ.
وهذا اللفظُ مُبتدَعٌ، والكفرُ لا يتعلقُ بمجرَّدِ أسماءٍ مُبتدَعةٍ لا أصلَ لها؛ بل يُستفسَرُ هذا القائلُ، فإن قال: أعني أنه مُتحيِّزٌ؛ أي: داخلٌ في المخلوقاتِ، قد حازَتْه؛ فهذا باطلٌ، وإن قال: أعني أنه منحازٌ عن المخلوقاتِ، مباينٌ لها؛ فهذا حقٌّ، وكذلك قولُه: ليس بمتحيز؛ إن أرادَ أن المخلوقَ لا يحوزُ الخالقَ؛ فقد أصابَ، وإن قال: الخالقُ لا يُبايِنُ المخلوقَ؛ فقد أخطأَ.
فَصْلٌ (١)
السماعُ الذي أمَر الله به ورسولُه هو سماعُ القرآنِ؛ كما قال:{إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا}، وقال: {إذا يتلى عليهم