أمر بالصلحِ، والقتالُ الأولُ لم يؤمر به، ولا أمر اللهُ كلَّ مَن بُغِي عليه أن يقاتِلَ الباغيَ، إذ قتْلُ كلِّ باغٍ كفرٌ، فإن غالبَ الناسِ لا يخلو من ظلمٍ وبغيٍ، ولكن إذا اقتتلَتْ طائفتانِ من المؤمنينَ؛ وجبَ الإصلاحُ، ولم تكُنْ طائفةٌ منهما مأمورةً بالقتالِ، ثم إذا بغَتِ الواحدةُ قُوتلَتْ.
وأيضًا: فيمكنُ أنهم لم يكونوا بغاةً في الأولِ؛ بل في أثناءِ الحالِ بغَوا، وحينَ بغَوا ووجب قتالُهم؛ كان الذينَ معَ عليٍّ ناكلينَ عن القتالِ، فإنهم كانوا كثيري الخلافِ عليه، ضعيفي الطاعةِ له.
والمقصودُ: أن الحديثَ لا يُبيحُ لعنةَ أحدٍ من الصحابةِ، ولا يُوجِبُ فِسْقَه رضيَ الله عنهم أجمعينَ.
وأما أهلُ البيتِ فلم يُسْبَوْا قطُّ، وللهِ الحمدُ، ولم يقتُلِ الحَجَّاجُ أحدًا من بني هاشمٍ، وكان قد تزوَّجَ بنتَ عبدِ اللهِ بنِ جعفرٍ، فلم يرْضَ بنو عبدِ منافٍ ولا بنو هاشمٍ ولا بنو أميةَ؛ حتى فرَّقوا بينَهما؛ حيثُ لم يَرَوْه كُفْئًا لها.
فَصْلٌ
ومَن ادَّعى العصمةَ في المعِزِّ مَعَدِّ بنِ تميمٍ الذي بنى القاهرةَ والقَصْرَينِ، وأنه كان شريفًا فاطِمِيًّا؛ فهو شرٌّ من قولِ الرافضةِ في الاثني عشَرَ، فإن الرافضةَ ادَّعتِ العصمةَ في أناسٍ من أهلِ الجنةِ، وهؤلاءِ ادَّعوا العصمةَ فيمن اشتَهَر نفاقُه، فإذا كان من ادعى العصمةَ في هؤلاءِ السادةِ عليٍّ، وحسنٍ، وحسينٍ، قد أجمعَتِ الأمةُ على تخطئتِه وفسادِ