للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقطعِ المالِكِ، أو غيرِ قطعِه (١).

وتجوزُ إجارةُ أرضِ مصرَ؛ سواءٌ شمِلَها الماءُ أو لم يشمَلْها إذا كانت الأرضُ مما قد جرَتِ العادةُ بأن الرِّيَّ يشمَلُها، كما تُكرَى الأرضُ التي جرَتْ عادتُها أن تشربَ من الماءِ قبلَ أن يتنزَّلَ المطرُ عليها، وهذا مذهَبُ أئمةِ المسلمِينَ؛ مالكٍ، وأبي حنيفةَ، وأحمدَ، وهو أيضًا مذهَبُ الشافعيِّ الصحيحُ عنه، ولكنَّ بعضَ أصحابِه غلِطَ في معرفةِ مذهبِه، فلم يُفرِّقْ بينَ الأرضِ التي ينالُها الماءُ غالبًا والتي لا ينالُها إلا نادرًا، كالتي تشربُ (٢) في أغلبِ الأوقاتِ.

ثم هذه الأرضُ التي صحَّتْ إجارتُها؛ إن شَمِلها الرِّيُّ وأمكنَ الزرعُ المعتادُ؛ وجبَتِ الأجرةُ، وإن لم يَرْوَ منها شيءٌ؛ فليسَ على المستأجِرِ شيءٌ من الأجرةِ، وإن رَوِيَ بعضُها؛ وجَبَ من الأجرةِ بقدرِه، ومَن ألزمَ المستأجِرَ بالأجرةِ إذا لم تَرْوَ الأرضُ؛ فقد خالَفَ إجماعَ المسلمِينَ.

وإذا كان كذلك؛ فلا حاجةَ إلى قولِه: (أجَرْتُكَها مَقيلًا ومَراحًا)، ولا فائدةَ فيه، وإنما فعَلَ ذلك مَن ظنَّ أنه لا تجوزُ الإجارةُ قبلَ رِيِّ الأرضِ، والذي فعلوه من إجارتِها مَقيلًا أو مَراحًا؛ باطلٌ بإجماعِ المسلمِينَ من وجهَينِ:


(١) ينظر أصل الفتوى من قوله: (ومَن أجرَ أرضَه … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٣٠/ ١٥٤.
(٢) في الأصل: تشرق. والمثبت من (ك) و (ع) ومجموع الفتاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>