للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَ المبتدئِ والذي ينجُسُ بمجرَّدِ الملاقاةِ لقال: إذا لم يبلغْ قُلَّتَينِ نجُسَ، وما بلَغَهما لم ينجُسْ إلا بالتغيرِ، أو نحوَ ذلك من الكلام الدالِّ على ذلك، أمَّا مجرَّدُ قولِه: «إذا بلَغَ الماءُ قُلَّتَينِ لم يحمِلِ الخبثَ»، معَ كونِه إذا تغيرَ حمَلَه وينجُسُ بالاتفاق؛ فلا يدلُّ على هذا المقصودِ.

وأمَّا نَهْيُه القائمَ من نومِ الليلِ أن يغمِسَ يدَه في الإناءِ حتى يغسِلَها: فهو لا يقتضي التنجيسَ بالاتفاقِ؛ بل لأنه قد يؤثرُ في الماءِ منعًا (١)، أو يفضي إليه؛ مثلُ قولِه: «لا يَبولَنَّ أحدُكُم في الماءِ الدائمِ» (٢)، وقد تقدَّمَ أنه لا يدلُّ على التنجيسِ.

وأمَّا نَهْيُه عنِ الاغتسالِ فيه بعدَ البولِ إن صحَّ؛ فهو كنَهْيِه عنِ البولِ في المُستحَمِّ، «فإنَّ عامَّةَ الوَسْواسِ منه» (٣)، وربما بقِي من أجزاءِ البولِ، فعاد عليه رشاشُها، فكذلك إذا بال في ماءٍ، ثم اغتسَلَ فيه، فقد يغتسِلُ قبلَ الاستحالةِ معَ بقاءِ أجزاءِ البولِ.

ونَهْيُه عنِ الاغتسالِ في الماءِ الدائمِ إن صحَّ؛ يتعلَّقُ بمسألةِ الماءِ المستعمَلِ، وقد يكونُ لما فيه من تقذيرِ الماءِ على غيرِه، لا لأجلِ نجاستهِ، ولا لمصيره مستعملًا، فقد قال: «الماءُ لا يُجْنِبُ» (٤).


(١) في (ع): معنى.
(٢) تقدم تخريجه ص … ظظ
(٣) رواه أحمد (٢٠٥٦٣)، وأبو داود (٢٧)، والترمذي (٢١)، والنسائي (٣٦)، وابن ماجه (٣٠٤)، من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.
(٤) رواه أحمد (٢١٠٢)، وأبو داود (٦٨)، والترمذي (٦٨)، والنسائي (٣٢٥)، وابن ماجه (٣٧٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
ينظر أصل الفتوى من قوله: (وأما نهيه عن … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢١/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>