للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونكتة الجوابِ: أن كونه يحملُ الخبَثَ أو لا يحملُه؛ أمرٌ حِسِّيٌّ معروفٌ بالحسِّ، والدليلُ على هذا اتفاقُهم على أنَّ الماءَ إذا تغيَّرَ حملَ الخبثَ ونجَّسَه، فصار قولُه: «إذا بلغَ الماءُ قُلَّتَينِ لم يحمِلِ الخَبَثَ»، و: «لم يُنَجِّسْه شيءٌ»؛ مثلَ قولِه: «الماءُ طهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ»، وهو إنما أرادَ إذا لم يتغيرْ في الموضعَينِ، وأمَّا إذا كان قليلًا فقد يحملُ الخبثَ لضَعْفِه، وعلى هذا يُحمَلُ أمرُه في الكلبِ؛ لمَّا أمَر بتطهيرِ ما ولَغَ فيه سبعًا (١).

وقوله: «ألقوها وما حولها»؛ لأنَّه مظنة التغيُّر، لا لأنَّه ملاقي النجاسة، لأنَّه لو كان الملاقي للنجس نجسًا؛ لتنجس البحر بما يلقى فيه من النجاسة، فعُلم أن إلقاء ما حولها للمظنة، فإنه قد يبقى فيه شيء محمولًا ولا يُتحقَّق.

وكذا قولُه: «فلا يُدخِلُ يدَه في الإناءِ حتى يغسِلَها ثلاثًا» (٢)؛ المرادُ: الإناءُ الذي للماءِ المعتادِ للولوغِ، ولإدخالِ اليدِ، وهو الصغيرُ، والكلبُ يلَغُ بلسانِه شيئًا فشيئًا، فلا بدَّ أن يبقى في الماءِ من ريقِه، فيكونُ ذلك الخَبَثُ محمولًا والماءُ يسيرًا، فيُراقُ لأجلِ كونِ الخَبَثِ محمولًا، ويُغسَلُ الإناءُ الذي لاقاه ذلك الخبثُ؛ بخلافِ ما إذا استُهلِكَ الخبثُ؛ كالخمرِ إذا قلبَ اللهُ عَيْنَها، فتطهُرُ بالدَّنِّ؛ لأنَّ الاستحالةَ والاستهلاكَ حصَلَ في الخمرِ دونَ تلك، ولو أرادَ الفصلَ بي


(١) رواه مسلم (٢٧٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (١٦٢)، ومسلم (٢٧٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>