للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صِدْقِه فيما يُخبِرُهم أو كذِبِه، وعلى عدلِه وجَوْرِه، فقد ثبَتَ في الصحيحِ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم استعملَ رجلًا يقالُ له: ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، فلما رجَع حاسَبَه (١)، معَ أنه كان له ولايةٌ في صَرْفِها، والمستحِقُّ غيرُ معيَّنٍ، فجاز للمُوَلِّي والمستحِقِّ ذلك.

ومَن باع أرضًا، ثم تبيَّنَ أنها وقفٌ عليه صحيحٌ لازمٌ؛ فالبيعُ بعدَ ذلك باطلٌ، ويرجعُ المشتري على مَن غرَّه بالثمنِ، وبما يغرمُه من أجرةٍ.

وأما إن لم يكُنِ الوقفُ كذلك، كمن أوقَفَ ولم يُخرِجْه عن يدِه على مذهَبِ مالكٍ وإحدى الروايتينِ عن أحمدَ وأبي حنيفةَ: فهنا لا يبطُلُ البيعُ بمثلِ ذلك، وما وجب لأهلِ الوقفِ من أُجرةٍ تستقِرُّ على الغارِّ الذي غرَّ المشتري.

وإذا كانت يدُ المستحِقِّينَ على الوقفِ، ولهم عادةٌ مستمرةٌ في صَرْفِه، وذَكروا أن تلك العادةَ من شروطِ الواقفِ؛ كان ذلك بمنزلةِ اليدِ على المالِ لا تُرفعُ إلا بحجةٍ شرعيةٍ تُبيِّن أن شرطَ الواقفِ بخلافِه، فإن يدَ المصارفِ على الوقفِ والأيديَ المستقرةَ على الملكِ، والوقفَ عينَه ومصرفَه؛ لا تُرفَعُ إلا بحجةٍ.

والشهادةُ بمصرِفِ الوقفِ مقبولةٌ، وإن كان مُستنَدُها الاستفاضةَ؛ في أصحِّ قولَيِ العلماءِ، ولا يُعلَمُ مصارفُ الوقوفِ المتقادمةِ إلا بمثلِ ذلك.


(١) رواه البخاري (١٥٠٠)، ومسلم (١٨٣٢) من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>