للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتوبةِ، وإن كانت حسناتُ الأبرارِ سيئاتِ المقرَّبينَ، وأن ما صدر منهم من ذلك إنما كان لكمالِ النهايةِ بالتوبةِ، لا لنَقْصِ البدايةِ بالذنبِ، وأما غيرُهم فلا تجبُ لهم العصمةُ، وإنما يَدَّعِي العصمةَ المطلقةَ لغيرِ الأنبياءِ؛ الجُهَّالُ من الرافضةِ وغاليةِ النُّسَّاكِ.

ومن هؤلاءِ من [يظن] (١) استغناءه عن النوافلِ حينئذٍ، وهذا مفتونٌ منكوسٌ.

ولفظُ الشرعِ يُطلَقُ على ثلاث معانٍ: شرعٌ مُنزَّلٌ، وشرعٌ مُؤوَّلٌ، وشرعٌ مُبدَّلٌ.

فالمُنزَّلُ: الكتابُ والسُّنَّةُ، فهذا الذي يجبُ اتباعُه على كلِّ أحدٍ.

والمُؤوَّلُ: هو [موارد] (٢) الاجتهادِ التي تنازع فيها الفقهاءُ، فاتباعُ أحدِ المجتهدينَ جائزٌ لمن اعتقدَ حجته هي القويةَ، أو لمن ساغ له تقليدُه.

والمُبدَّلُ: فمثلُ الأحاديثِ الموضوعةِ، والتأويلاتِ الفاسدةِ، والأقيسة الباطلةِ، والتقليدِ المحرَّمِ، فهذا يحرُمُ اتباعُه.

وهذا مِن مثارِ النِّزاعِ بين الناس، فإن كثيرًا يوجِبُ اتباعَ حاكمِه وإمامِه وشيخِه، والتزامَ حكمِ حاكمه ظاهرًا وباطنًا، ويرى أن الخروجَ عن ذلك خروجٌ عن الشريعةِ المحمديةِ، وهذا جهلٌ منه وظلمٌ؛ بل دعوى ذلك على الإطلاقِ كفرٌ ونفاقٌ، واللهُ أعلمُ.


(١) زيادة من مجموع الفتاوى ١١/ ٤١٧ يقتضيها السياق.
(٢) في الأصل: رد. والمثبت موافق لما في مجموع الفتاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>