للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخبَرَ في غيرِ موضعٍ: أنه يجعلُ بعضَ مخلوقاتِه ببعضٍ؛ كما قال: {لنحيي به بلدة ميتًا}.

ومن قال من أهلِ الكلامِ: (إنه يُفْعَلُ ذلك عندَه لا به)؛ فعبارتُه مخالفةٌ للكتابِ والأمورِ المشهورةِ، كمن زعم أنها مستقلَّةٌ بالفعلِ، فهو شركٌ مخالفٌ للعقلِ والدينِ.

ومن قال: (إن لها تأثيرًا)، وعَنى بذلك ما جعله اللهُ فيها مما ذكره سبحانه، فهو حقٌّ، ولكن قد أمر اللهُ ورسولُه العبادَ بما يدفعُ سببَ العذابِ الحاصلِ بها، مثلُ صلاةِ الكسوفِ والذِّكرِ عندَ الريحِ مثلِ قولِه: «اللهُمَّ إنا نسألُكَ خيرَ هذه الريحِ (١)، وخيرَ ما أرسِلَتْ به، ونعوذُ بك من شرِّها، وشرِّ ما أرْسِلَتْ به» (٢).

فهذه السنَّةُ في أسبابِ الخيرِ والشرِّ، فيفعلُ العبدُ عندَ هذه الأسبابِ ما علَّمه اللهُ.

أما الأسبابُ التي تَخْفى؛ فليس العبدُ مأمورًا بأن يتكلفَ معرفتَه، بل يتقي اللهَ ويفعلُ ما أمره، {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وفي «سننِ أبي داودَ»: «مَن اقتبسَ شُعْبةً من النجومِ؛ فقد اقتبس شُعْبةً من السِّحرِ» (٣).


(١) زيد في (ك): وخير ما فيها. وقد وردت في أصل الحديث.
(٢) رواه أحمد (٢١١٣٨)، والترمذي (٢٢٥٢)، من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
(٣) رواه أبو داود (٣٩٠٥)، ورواه أحمد (٢٨٤٠)، وابن ماجه (٣٧٢٦)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>