للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يذكُرْ أحدٌ من العُلَماءِ أنه يُشرَعُ التوسُّلُ بالنبيِّ والرجلِ الصالحِ بعدَ موتِه، ولا في مَغِيبِه، ولا استَحبُّوا ذلك في الاستسقاءِ، ولا في الاستنصارِ، ولا غيرِ ذلك من الأدعيةِ.

والدعاءُ مُخُّ العبادةِ، والعبادةُ مَبْناها على السُّنَّةِ والاتباعِ، لا على الهوىِ والابتداعِ، وإنما يُعبَدُ اللهُ بما شرَع؛ لا يعبد بالأهواء والبدعِ.

وأما وضعُ الرأسِ عندَ الكبراءِ من الشيوخِ أو غيرِهم، أو تَقْبيلُ الأرضِ، ونحوُ ذلك؛ فهو مما لا نزاعَ بينَ الأئمَّةِ في النَّهْيِ عنه؛ بل مجرَّدُ الانحناءِ بالظهرِ لغيرِ اللهِ مَنْهيٌّ عنه.

وقولُ القائلِ: انقضَتْ حاجتي ببركةِ فلانٍ؛ فمُنكَرٌ من القولِ وزورٌ؛ لأن قائلًا قال: ما شاءَ اللهُ وشئتَ، فقال: «أجعَلْتَني للهِ ندًّا؛ بل ما شاءَ الله وحدَه» (١).

وقولُ القائلِ: ببركةِ الشيخِ فلان؛ قد يعني به معنًى صحيحًا؛ مثلُ: بركةِ دعائِه، أو بركةِ ما أمَرَه به من الخيرِ، أو بركةِ اتباعِه له على الحقِّ، وطاعتِه له من طاعةِ اللهِ، أو بركةِ معاونتِه على الحقِّ، ومُوالاتِه في الدينِ، ونحوِ ذلك.

وقد يعني به معنًى باطلًا؛ مثلُ: دعائِه الميتَ والغائبَ، واستقلالِ الشيخِ بذلك تأثيرًا، وفعلِه لما لا يقدرُ عليه، أو متابعتِه، أو مطاوعتِه


(١) رواه أحمد (١٨٣٩)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه ابن ماجه بنحوه (٢١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>