للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما في قولِه: «اللهُمَّ، إني أسألُكَ بحقِّ السائلينَ، وبحقِّ مَمْشاي هذا» (١)، فالله قد جعَل على نفْسِه حقًّا، فقال: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}.

وقالت طائفةٌ: ليس في هذا الحديثِ جوازُ التوسُّلِ به في مماته (٢)، ولا مَغِيبِه؛ بل إنما فيه التوسُّلُ به في حياتِه بحضورِه؛ كما استَسْقى عمرُ بالعباسِ لما مات صلى الله عليه وسلم وقال: «إنا كنا نتوسَّلُ إليك بنبِيِّنا» (٣)، وذلك أن التوسُّلَ به في حياتِه: هو أنهم كانوا يسألونَه أن يدعوَ اللهَ، فيدعوَ لهم، ويدعونَ معه، فيتوسَّلونَ بشفاعتِه ودعائِه، كما سألوه أن يستَسْقي لهم.

وكذا معاويةُ لما استَسْقى، قال: «اللهُمَّ إنا نتشفَّعُ إليك بخِيارِنا يزيدَ بنِ الأسودِ الجُرَشيِّ، ارفَعْ يدَكَ إلى اللهِ»، فرفَع يدَيْه ودعا، ودعَوْا، فسُقوا (٤).

وكذلك قال العلماءُ: يُستحَبُّ أن يُستَسْقى بأهلِ الصلاحِ والدينِ، وإذا كانوا من أهلِ بيتِ رسولِ الله كان أحسَنَ.


(١) رواه أحمد (١١١٥٦)، وابن ماجه (٧٧٨)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٢) في (الأصل): حياته. والمثبت من (ك)، و (ع)، ومجموع الفتاوى، وهو الموافق للسياق.
(٣) تقدم تخريجه قريبًا ص …
(٤) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (ص ٦٠٢)، ويعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (٢/ ٣٨٠)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٥/ ١١١)، واللالكائي في كرامات الأولياء من شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٩/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>