للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما القسمُ الثالثُ: وهو أن يقولَ: اللهُمَّ، بجاه فلانٍ عبدَكَ، أو ببركةِ فلانٍ، أو بحرمةِ فلانٍ عندَكَ؛ افعَلْ بي كذا وكذا، فهذا يفعَلُه كثيرٌ من الناسِ؛ لكن لم يُنقَلْ عن أحدٍ من الصحابةِ والتابعِينَ وسلَفِ الأمةِ: أنهم كانوا يَدْعونَ بمثلِ هذا الدعاءِ.

قال شيخُ الإسلامِ: ولم يبلُغْني عن أحدٍ من العُلَماءِ في ذلك ما أحكيه؛ إلا ما رأيتُه في فتاوى محمد بنِ عبدِ السلامِ؛ فإنه أفتى أنه لا يجوزُ لأحدٍ أن يفعلَ هذا إلا للنبيَّ (١) صلى الله عليه وسلم إن صحَّ الحديثُ في النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

ومعنى ذلك: أنه رُوِي عن النبيِّ أنه علَّم بعضَ أصحابِه أن يدعوَ فيقولَ: «اللهُمَّ، إني أسألُكَ وأتوسَّلُ إليك بنبِيِّكَ نبيِّ الرحمةِ، يا محمدُ، يا رسولَ اللهِ، إني أتوسَّلُ بك إلى ربي في حاجتي؛ ليقضِيَها لي، اللهُمَّ فشفِّعْه فيَّ» (٢).

فهذا الحديثُ قد استَدلَّ به طائفةٌ على جواز التوسُّلِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في حياتِه ومماتِه، وليس فيه إلا أنه دعا واستغاثه به (٣)؛ وفيه سؤاله بجاه


(١) في الأصل: (النبي)، والمثبت من (ك) و (ع) و (ز).
(٢) رواه أحمد (١٧٢٤٠)، والنسائي في الكبرى (١٠٤٢٠)، والترمذي (٣٥٧٨)، وابن ماجه (١٣٨٥)، من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه.
(٣) أي: استغاث الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وفي (ك): وليس فيه أنه دعاه واستغاث به. والذي في مجموع الفتاوى ٢٧/ ٨٣: (قالوا: وليس في التوسل دعاء المخلوقين ولا استغاثة بالمخلوق، وإنما هو دعاء واستغاثة بالله).

<<  <  ج: ص:  >  >>