للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كان أحدٌ أحبَّ إليهم من رسولِ اللهِ، وما كانوا يقومونَ له، من كراهية ما يرونه منه لذلك (١).

فهذا شأنُ أنبياءِ اللهِ تعالى وأوليائِه، وإنما يُقِرُّ على الغُلُوِّ فيه وتعظيمِه بغير حق من يريدُ العلوَّ في الأرضِ والفسادَ؛ كفرعونَ ومشايخِ الضلالةِ الذينَ غرَضُهم العلوُّ (٢) في الأرضِ، والفتنةُ بالأنبياءِ والصالحينَ، واتخاذُهم أربابًا، والإشراكُ بهم في غَيْبتِهم.

فظهر الفرقُ بينَ سؤالِ النبيِّ والصالحِ في حياتِه بحضورِه، وبينَ سؤالِه في مماتِه وغَيْبتِه.

ومن أعظمِ الشركِ أن يستغيثَ الإنسانُ برجلٍ ميتٍ عندَ المصائبِ، يا سيدي فلانُ؛ كأنه يطلبُ منه إزالةَ ضرَرِه، أو جلْبَ نفْعِه، كما هو حالُ النصارى في المسيحِ وأمِّه وأحبارِهم ورُهْبانِهم.

فإذا حصَل هذا الشركُ تنزَّلَتْ عليهم الشياطينُ وأغْوَتْهم، وربما خاطَبَتْهم كما فعلت في أصحابِ الأصنامِ؛ لا سيَّما عندَ سماعِ المُكاءِ والتصديةِ، فإن الشياطينَ تنزل عليهم، وقد يصيبُ أحدَهم من الإرغاءِ، والإزبادِ، والصياحِ المُنكَرِ، وتكلُّمِه ما لا يعقِلُه هو ولا الحاضرونَ، وأمثالِ ذلك.


(١) رواه أحمد (١٢٣٤٥)، والترمذي (٢٧٥٤)، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) في الأصل: (علواً)، والمثبت من (ك) ومجموع الفتاوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>