للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المساجدِ دونَ المشاهدِ.

ولهذا اتَّفقَ المسلمونَ على أن مَن زار قبرَ النبيِّ أو غيرِه من أهلِ البيتِ وغيرِهم؛ أنه لا يتمسَّحُ به، ولا يُقبِّلُ، بل ليس شيءٌ يُشرَعُ تقبيلُه إلا الحجرَ الأسودَ، وقد ثبَتَ أن عمرَ قال فيه: «إنكَ حجرٌ، لا تنفعُ ولا تضرُّ» (١).

ولكن تنازَعَ الفقهاءُ في وضعِ اليدِ على منبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لما كان موجودًا؛ فكرِهَه مالكٌ وغيرُه.

وأما التمسُّح (٢) بقبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وتقبيلُه فكلُّهم نهَى عنه، وذلك أنهم علِموا ما قصَدَه من حَسْمِ مادةِ الشركِ، وتحقيقِ التوحيدِ للهِ وحدَه.

وهذا مما يظهرُ به الفرقُ بينَ سؤالِ النبيِّ والصالح في حياتِه وبعدَ موتِه، وذلك أن أحدًا في حياتِه لا يَعبُدُه؛ لأنه لا يمكِّنُ أحدًا من ذلك، كما قال المسيحُ: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به .. } الآية.

وقال نبِيُّنا: «لا تُطْروني كما أَطْرَتِ النصارى المسيحَ، بل قولوا عبدُ اللهِ» (٣)، وكذا لما سجَد له معاذٌ؛ نهاه وقال: «إنه لا يصلُحُ السجودُ إلا للهِ» (٤).


(١) رواه البخاري (١٥٩٧)، ومسلم (١٢٧٠).
(٢) في (الأصل): التمسك. والمثبت من (ك).
(٣) رواه البخاري (٣٤٤٥)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(٤) رواه أحمد (٢١٩٨٦)، من حديث معاذ رضي الله عنه، ورواه ابن ماجه (١٨٥٣)، من حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>