للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلَّموا عليه (١)، فإذا دعَوُا الله استَقْبلوا القِبلةَ، ودَعَوُا اللهَ وحدَه لا شريكَ له، كما يَدْعونَه في سائرِ البقاعِ.

وقد نهى عن إتيانِ قبرِه، واتخاذِه مسجدًا في أحاديثَ كثيرةٍ (٢).

ولهذا قال العلماءُ: إنه لا يجوزُ بناءُ المساجدِ على القُبورِ.

ولا يجوزُ أن يُنذَرَ للقبرِ، ولا للمجاورينَ عندَه شيءٌ من الأشياءِ، لا دراهمٌ، ولا زيتٌ، ولا شمعٌ، ولا حيوانٌ، ولا غيرَ ذلك.

ولم يقُلْ أحدٌ من أئمةِ المسلمِينَ: إن الصَّلاة عندَ القبورِ، أو في مشاهدِ القبور مستحبةٌ، أو فيها فضيلةٌ، ولا أن الدعاءَ والصَّلاةَ أفضلُ عندَ القبورِ من غيرِها، بل اتَّفَقوا كلُّهم أن الصَّلاةَ في المساجدِ والبيوتِ أفضلُ من الصَّلاةِ عندَ قبورِ الأنبياءِ والصالحينَ، وقد شرَع اللهُ الصَّلاةَ


(١) روى مالك (٦٨)، عن عبد الله بن دينار، قال: «رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أبي بكر وعمر»، وفي رواية محمد بن الحسن الشيباني للموطأ (٩٤٨) بلفظ: «كان إذا أراد سفرًا، أو قدم من سفر جاء قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى عليه، ودعا ثم انصرف».
(٢) من ذلك: ما رواه البخاري (٤٣٥)، ومسلم (٥٣١)، من حديث عائشة، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا.
ومنه ما رواه أحمد (٨٨٠٤)، وأبو داود (٢٠٤٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا علي؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم».

<<  <  ج: ص:  >  >>