للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأئمَّةُ على خلافِه، فإن أكثرَ آحادِ العامةِ يعجِزُ عن معرفةِ الاستدلالِ في كلِّ مسألةٍ يحتاجُ إلى معرفتِها؛ بل أكثرُ المشتغلينَ بالفقهِ يعجِزُ عن ذلك، وهؤلاءِ الأئمة المجتهدونَ المشهورونَ كان لهم من الاجتهادِ في معرفةِ الأحكامِ وإظهارِ الدينِ للأنام ما فضَّلَهم اللهُ به على غيرِهم.

ومن ظنَّ أنه يعرفُ الأحكامَ من الكتابِ والسُّنَّةِ بدونِ معرفتِه بما قاله هؤلاءِ الأئمَّةُ وأمثالُهم؛ فهو غالطٌ مخطئٌ؛ فإن كان ولا بدَّ من معرفةِ الاجتماعِ والاختلافِ؛ فلا بدَّ من معرفةِ ما يستدلُّ به المخالفُون، وما استخرجوه من أدلةِ الكتابِ والسُّنَّةِ، وهذا ونحوُه لا يُعرَفُ إلا بمعرفةِ أقوالِ أئمة أهلِ الاجتهادِ، وأَعْلى هؤلاءِ الصحابةُ رضي الله عنهم، فمنَّ ظن أنه يأخذُ من الكتابِ والسُّنَّةِ بدونِ أن يقتديَ بالصحابةِ، ويتبعُ غيرَ سبيلِهم؛ فهو من أهلِ البِدَعِ والضلالِ.

ومن خالفَ ما أجمَع عليه المؤمنونَ؛ فهو ضالٌّ، وفي تكفيرِه نزاعٌ وتفصيلٌ.

ومَن ادَّعى العصمةَ في كلِّ ما يقولُه لأحدٍ بعدَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم؛ فهو ضالٌّ، وفي تكفيرِه نزاعٌ وتفصيلٌ.

ومن قلَّد من يسوغُ له تقليدُه؛ فليس له أن يجعلَ قولَ متبوعِه هو أصحَّ من غيرِه (١) بالهوى بغيرِ هدًى من اللهِ، ولا يجعلَ متبوعَه مِحْنةً للناسِ، من وافَقَه والَاهُ، ومَن خالفَه عاداهُ، فإن هذا مما حرَّمه اللهُ ورسولُه باتِّفاقِ


(١) في الأصل: غير. والمثبت من (ك) و (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>