للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد فعَلَها فهو مُخيَّرٌ بينَ أن يكتفيَ بإسقاطِ ذلك، وبينَ أن يُسقِطَ الفرضَ بنفْسِه.

وإذا قيلَ: هي نافلةٌ، فيمنعونَ قولَ القائلِ: لا يُتطوَّعُ بصلاةِ الجَنازةِ؛ بل قد يُتطوَّعُ بها إذا كان هناك سببٌ يقتضي ذلك.

وينبني على هذينِ المأخذينِ: أنَّه إذا أعادَ الجَنازةَ مَن لم يصلِّ عليها أوَّلاً؛ فهل لمن صلَّى عليها أوَّلاً أن يصليَ معه تبعًا؟ على وجهينِ:

قيلَ: لا يجوزُ هنا؛ لأنَّ فعلَه هنا نَفْلٌ بلا نزاعٍ، وهي لا يُتنفَّلُ بها.

وقيلَ: بل له الإعادةُ، فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما صلَّى على القبرِ صلَّى خلفَه مَن كان قد صلَّى أولًا (١)، وهذا أقربُ؛ لأنه إعادةٌ تبعًا لسببٍ اقتضاه، لا إعادةٌ مقصودةٌ، وهذا سائغٌ في المكتوبةِ والجَنازةِ (٢).

وقراءةُ القرآنِ للهِ تعالى فيه الثوابُ العظيمُ، ولو قصد بذلك أنَّه لا ينساه أيضًا، فإن نسيانَه منَ الذنوبِ، فإذا قصد أداءَ الواجبِ من دوامِ الحفظِ، واجتنابِ النهيِ؛ فقد قصَد طاعةً، فكيفَ لا يُؤجَرُ؟!

وقولُ القائلِ: «اللهم أمِّنَّا مَكْرَكَ، ولا تُؤمِّنَّا مكرَكَ» له معنيانِ؛ أحدُهما صحيحٌ، والآخَرُ فاسدٌ.


(١) رواه مسلم (٩٥٤)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولفظه: «انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب، فصلى عليه، وصفوا خلفه، وكبر أربعًا».
(٢) ينظر أصل الفتوى من قوله: (قال سليمان … ) إلى هنا في مجموع الفتاوى ٢٣/ ٢٥٩، الفتاوى الكبرى ٢/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>